responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 214
والوجه الثالث: أنه يبطل بقولك: "قام القوم غير زيد" فإن "غير" منصوب، ولا يخلو: إما أن يكون منصوبًا بتقدير إلا، وإما أن يكون منصوبًا بنفسه، وإما أن يكون منصوبًا بالفعل الذي قبله؛ بطل أن يقال "إنه منصوب بتقدير إلا" لأنا لو قدرنا إلا لفسد المعنى؛ لأنه يصير التقدير فيه: قام القوم إلا غير زيد، وهذا فاسد، وبطل أيضًا أن يقال "إنه يعمل في نفسه"؛ فوجب أن يكون العامل هو الفعل المتقدم، وإنما جاز أن يعمل فيه وإن كان لازمًا لأن "غير" موضوعة على الإبهام، ألا ترى أنك إذا قلت "مررت برجل غيرَك" كان كل مَنْ جاوز المخاطب داخلًا تحت "غير" فلما كان فيه هذا الإبهام المفرط أشبه الظروف المبهمة، نحو خلف وأمام ووراء وقدَّام، وما أشبه ذلك، وكما أن الفعل اللازم يتعَدَّى إلى هذه الظروف من غير واسطة فكذلك ههنا.
والوجه الرابع: أنا نقول لماذا قدرتم أستثني زيدًا فنصبتم؟ وهلا قدرتم امتنع فرفعتم! كما روي عن أبي عليّ الفارسي أنه كان مع عضد الدولة في الميدان فسأله عضد الدولة عن المستثنى، بماذا انتصب؟ فقال له أبو علي: انتصب لأن التقدير أستثني زيدًا، فقال له عضد الدولة: وهلَّا قدرت امتنع فرفعت زيدًا، فقال له أبو علي: هذا الجواب الذي ذكرت لك مَيْدَانِي[1]، وإذا رجعنا ذكرت لك الجواب الصحيح، إن شاء الله تعالى.
والوجه الخامس: أنا إذا أعملنا "إلا" بمعنى أستثني كان الكلام جملتين، وإذا أعملنا الفعل كان الكلام جملة واحدة، ومتى أمكن أن يكون الكلام جملة واحدة كان أولى من جَعْلِه جملتين من غير فائدة.
وأما قولهم "إن الفعل المتقدم لازم فلا يجوز أن يكون عاملًا" قلنا: هذا الفعل وإن كان لازمًا إلا أنه تعَدَّى بتقوية "إلا" على ما بيَّنَّا.
وأما قولهم "والذي يدل على أن الفعل ليس عاملًا قولهم: القوم إخوانك إلا زيدًا، فينصبون زيدًا، وليس ههنا فعل ناصب" قلنا: الناصب له ما في إخوانك من معنى الفعل؛ لأن التقدير فيه: القوم يصادقونك إلا زيدًا؛ فإلا قوَّت الفعل المقدر فأوصلته إلى زيد فنصبه.
وأما قول الفَرَّاء "إن الأصل فيها إن ولا، ثم خففت إن وركبت مع لا" فمجرد دعوى يفتقر إلى دليل، ولا يمكن الوقوف عليه إلا بوحي وتنزيل، وليس

[1] يريد أن هذا الجواب سريع غير مبني على الدقة التي تحتمل النقاش، هو لذلك غير مطرد ولا منعكس.
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 214
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست