responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 213
فزيد: اسم إن، ولا: كَفَتْ من الخبر؛ لأن التأويل: إن زيدًا لم يقم، ثم خففت إن وأدغمت في لا وركبت معها فصارتا حرفًا واحدًا، كما ركبت لو مع لا وجعلا حرفًا واحدًا؛ فلما ركبوا إن مع لا أعملوها عملين: عمل إن فنصبوا بها في الإيجاب، وعمل لا فجعلوها عطفًا في النفي، وصارت بمنزلة حتى، فإنها لما شَابَهَتْ حرفين إلى والواو أجروها في العمل مجراهما، فخفضوا بها بتأويل إلى، وجعلوها كالواو في العطف؛ لأن الفعل يحسن بعدها كما يحسن بعد الواو، ألا ترى أنك تقول "ضربت القوم حتى زيد" أي حتى انتهيت إلى زيد، و "ضربت القوم حتى زيدٍ" أي حتى انتهيت إلى زيد، و "ضربت القوم حتى زيدًا" أي حتى ضربت زيدًا، فكذلك ههنا: إلا لما ركبت من حرفين أجريت في العمل مجراهما على ما بيَّنَّا.
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إن العامل هو الفعل وذلك لأن هذا الفعل وإن كان فعلًا لازمًا في الأصل إلا أنه قَوِيَ بإلا فتعدَّى إلى المستثنى كما تعدَّى الفعل بحرف الجر، إلا أن "إلا" لا تعمل وإن كانت مُعَدِّية كما يعمل حرف الجر؛ لأن "إلا" حرف يدخل على الاسم والفعل المضارع، نحو "ما زيد إلا يقوم، وما عمرو إلا يذهب" وإن لم يجز دخوله على الفعل الماضي نحو "ما زيد إلا قام، وما عمرو إلا ذهب" والحرف متى دخل على الاسم والفعل لم يعمل في واحد منهما، وعدم العمل لا يدل على عدم التعدية، ألا ترى أن الهمزة والتضعيف يُعَدِّيان وليسا عاملين، ونظير ما نحن فيه نصبهم الاسم في باب المفعول معه نحو "استوى الماء والخَشَبَةَ، وجاء البرد والطَيَالِسَةَ" فإن الاسم نصب بالفعل المتقدم بتقوية الواو فإنها قَوَّتِ الفعل فأوصلته إلى الاسم فنصبه؛ فكذلك ههنا.
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما قولهم "إن إلا قامت مقام أستثني فينبغي أن تعمل عمله" قلنا: الجواب عن هذا من خمسة أوجه:
الوجه الأول: أن هذا يؤدِّي إلى إعمال معاني الحروف؛ وإعمال معاني الحروف لا يجوز، ألا ترى أنك تقول "ما زيد قائمًا" فيكون صحيحًا؛ فلو قلت "ما زيدًا قائمًا" على معنى نفيت زيدًا قائمًا لكان فاسدًا؛ فكذلك ههنا، وإنما لم يجز إعمال معاني الحروف لأن الحروف إنما وضعت نائبة عن الأفعال طلبًا للإيجاز والاختصار؛ فإذا أعملت معاني الحروف فقد رجعت إلى الأفعال، فأبطلت ذلك المعنى من الإيجاز والاختصار.
والوجه الثاني: أنه لو كان العامل "إلا" بمعنى أستثني لوجب أن لا يجوز في المستثنى إلا النصب، ولا خلاف في جواز الرفع والجر في النفي نحو "ما جاءني أحد إلا زيد، وما مررت بأحد إلا زيد" فدلَّ على أنها ليست هي العاملة بمعنى أستثني.

اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 213
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست