اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 87
وحكى أبو العباس عن أبي عثمان، عن أبي زيد، قال: سمعت عمرو بن عبيد[1] يقرأ: "فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جأن"[2]، فظننته قد لحن[3] حتى سمعت العرب تقول: شأبة ودأبة. قال أبو العباس: فقلت لأبي عثمان: أتقيس ذلك؟ قال: لا، ولا أقبله.
وقال آخر4:
وبعد انتهاض الشيب من كل جانب ... على لمتي حتى اشعأل بهيمها5
يريد اشعال من قوله تعالى: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} فهذا لا همز فيه.
وقال دكين6:
راكدة مخلاته ومحلبه ... وجله حتي ابيأض ملببه7
يريد ابيأض، فهمز. [1] عمرو بن عبيد، هو أبو عثمان البصرية وردت عنه الرواية في حروف القرآن، وقد روى الحروف عن الحسن البصري، وسمع منه، ثم روى عنه الحروف بشار بن أيوب الناقد، مات في ذي الحجة سنة أربع وأربعين ومائة.
انظر/ غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري "ص602". [2] أي يوم القيامة لا يسأل عن ذنب المجرم أحد غيره، والآية شاهد على تحريك الألف فانقلبت همزة في قوله جل شأنه "جأن". [3] لحن: أخطأ. مادة "لحن" اللسان "5/ 4013".
4 البيت ذكره اللسان في مادة "شعل" ولم ينسبه، ولم أعثر على قائلة فيما بيدي من المراجع.
انظر/ لسان العرب "4/ 2281". مادة "شعل".
5 اللمة: شعر الرأس المجاوز شحمة الأذن، "ج" "لمم" مادة "ل م م". اللسان "5/ 4078" يقول الشاعر: لقد امتلأ شعري بالشيب وكثر فيه الشعر الأبيض.
والشاهد في قوله: "اشعأل" فحرك الألف لالتقاء ساكنين فانقلبت همزة، لأن الألف حرف ضعيف واسع المخرج، لا يحتمل الحركة.
إعراب الشاهد: اشعأل: فعل ماضي مبني على الفتح.
6 هو دكين بن رجاء من بني فقيم، عاش في الدولة المروانية، ومدح عمر بن عبد العزيز فأعطاه ألف درهم من ماله، ولم يكن عمر يعطي الشعراء شيئا.
7 راكدة: ساكنة ثابتة. مادة "ركد". اللسان "3/ 1716".
الملبب: موضع اللبة، وهو وسط الصدر، وقد فكه الشاعر على الأصل والقياس الإدغام.
مادة "لبب". اللسان "5/ 398".
أراد الشاعر: ابياض فحرك الألف لالتقاء الساكنين، فانقلبت الألف همزة، لأن الألف حرف ضعيف واسع المخرج، لا يتحمل الحركة فإذا اضطروا إلى تحريكه حركوه بأقرب الحروف إليه وهو الهمزة.
إعراب الشاهد: ابيأض: فعل ماضي مبني على الفتح.
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 87