اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 86
وإنما شرطنا[1] أنهما لا يلتقيان أصلين. فهذا حكم الهمزة الأصلية.
وأما البدل: فقد أبدلت الهمزة من خمسة أحرف، وهي الألف، والياء، والواو، والهاء، والعين.
فأما إبدالها من الألف فنحو ما حكي عن أيوب السختياني[2] أنه قرأ: {وَلا الضَّالِّين} فهمز الألف، وذلك أنه كره اجتماع الساكنين: الألف واللام الأولى، فحرك الألف لالتقائهما، فانقلبت همزة، لأن الألف حرف ضعيف واسع المخرج، لا يتحمل الحركة كما قدمنا من وصفه، فإذا اضطروا إلى تحريكه قلبوه إلى أقرب الحروف منه، وهو الهمزة، وعلى ذلك ما حكاه أبو زيد فيما قرأته على أبي علي في كتاب الهمز عنه، من قولهم: شأبة ومأدة[3]، وأنشدت الكافة4:
يا عجبا لقد رأيت عجبا ... حمار قبان يسوق أرنبا
خاطمها زأمها أن تذهبا5
ريد: زامها. [1] قول المؤلف: "وإنما شرطنا أنهما لا تلتقيان أصلين" بعد قوله: "لا سيما وليست الهمزتان" يدل على أنه يبرر نطق العرب بالهمزتين متحققتين إذا تجاورتا في مثل درائئ وخطائئ وأئمة بكون إحداهما زائدة، وإن كان ذلك عنده شاذا لا يقاس عليه. [2] أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني، بفتح السين وكسرها، البصري، الحافظ من أعلام المحدثين والزهاد، كان من الموالي، ولد سنة ست وستين، وتوفي سنة إحدى وثلاثين ومائة. [3] مأدة: يقال امرأة مأدة: أصلها مادة بوزن فاعلة، وتطلق على المرأة الناعمة.
مادة "مأد" اللسان "6/ 4119".
4 لم أعرف قائلها، وقد ذكر البغدادي هذه الأبيات في شرح شواهد الشافية وذكرها اللسان في مادة" زم" وزاد عليها بيتا وهو: "فقلت أردفني فقال مرحبا". لسان العرب "3/ 1203".
5 حمار قبان: دويبة صغيرة، لازقة بالأرض، ذات قوائم كثرة تشبه الخنفساء، وهي أصغر منها إذا لمسها احد اجتمعت كالشيء المطوي. مادة "حمر". اللسان "2/ 993".
خاطمها: اسم فاعل من خطمه إذا جعل له خطاما. مادة "خ ط م". اللسان "2/ 1203".
وزأمها: أصله زامها، أي جعل لها زماما. مادة "زمم".
والشاهد في البيت قوله "زأمها" فقد اضطر الراجز إلى تحريك الألف فانقلبت همزة، والأصل "زامها".
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 86