اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 252
فهذه كلها لغات، وليس بعضها بدلا من بعض، وقولهم: أديه وزنه: فعله، رد اللام، وهي ياء لقولهم يديت إليه يدا، فصارت أدى كما ترى بوزن فعل.
وكذلك قرأت هذه اللفظة على أبي علي في كتاب القلب والإبدال، عن يعقوب، ورأيت هذا الكتاب بخط أبي العباس محمد بن يزيد، فالتمست فيه هذه اللفظة في باب الهمزة والياء، فلم أر لها هناك أثرا.
وقرأت هذا الفصل من كتاب إصلاح المنطق عن يعقوب على غير أبي علي، فقال: إنما هو: قطع الله أديه. مثنى، في معنى يديه، وكذلك رأيتها في عدة نسخ. وكيف تصرف الأمر فقد ثبت أنهم قد نطقوا بالفاء من هذه اللفظة همزة، مثناة كانت أو مفردة، وإذا كان ذلك كذلك، فقد يجوز أن يكون قولهم آديته على كذا أفعلته من الأدي في قول أبي علي، أو الأدين في قول غيره، أي كنت له يدا عليه، وظهيرا معه، فيكون كقول النبي عليه السلام: "المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى ب ذمتهم [1] أدناهم، وهم يد [2] على من سواهم" أي كلمتهم واحدة، فبعضهم يقوي بعضا.
إلا أنني أنا أرى في هذه اللفظة خلاف ما رآه أبو علي، لأنه ذهب إلى أن الهمزة في أديه ليست بدلا من الياء، وإنما هي أصل برأسه، ولو كان الأمر على ما ذهب إليه، لتصرف الهمزة في هذه اللفظة تصرف الياء، وليس الأمر كذلك، لأنا نجدهم يقولون: يديت إليه يدا، وأيديت أيضا، ويديت الصيد: إذا أصبت يده، وكسروها فقالوا: يدي وأيد وأياد.
وقال الشاعر: [1] الذمة: العهد والأمان والكفالة، والحق والحرمة.
وعند الفقهاء: معنى يصير به الإنسان أهلا لوجوب الحق له وعليه. والجمع ذمم. و"أهل الذمة" المعاهدون من أهل الكتاب أو من جرى مجراهم. مادة "ذ م م".
2 "هم يد" هي موضع الشاهد في حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
إعرابها: هم: ضمير منفصل مبني في محل رفع مبتدأ.
يد: خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة.
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 252