اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 253
فلن أذكر النعمان إلا بصالح ... فإن له عندي يديا وأنعما1
فجاء بالجمع على فعيل، وهذا اسم للجميع عندنا، وليس مكسرا كأيد وأياد، وإنما هو بمنزلة عبيد وكليب، لجماعة عبد وكلب، ولم نر الهمزة في أدى موجودة في غير هذه اللفظة، وفي أحد وجهي آديته، الذي جوزناه آنفا[2].
على أنا نعتقد فيه أنه إنما بنى أفعلته من لفظ الأدى بعد أن قلبت همزته عن يدي، وإلا فالياء هي الأصل، وليس كذلك ما أشبهه به من نحو: يسروع وأسروع، ويلملم وألملم، وأسر ويسر، لاطراد كل واحد من هذه الحروف في مكان صاحبه، وقلة استعمالهم الأدي في معنى اليد، فاعرف ذلك.
فهذان الوجهان اللذان احتملهما عندي قولهم آديت زيدا أي قويته، وفيه وجه آخر غامض أيضا، وهو أن يكون أراد أعديته، فأبدل العين همزة، فصارت أأديته، ثم أبدل الهمزة ألفا، لسكونها وانفتاح ما قبلها، واجتماعها مع الهمزة التي قبلها، فصارت آديته.
على أن في هذا الوجه عندي بعض الضعف وإن كان أبو علي قد أجازه، لأنا لم نرهم في غير هذا أبدلوا الهمزة من العين، وإنما رأيناهم لعمري أبدلوا العين من الهمزة، فنحن نتبعهم في الإبدال ولا نقيسه إلا أن يضطر أمر إلى الدخول تحت القياس والقول به.
1 نسب صاحب اللسان البيت إلى "الأعشى" وذكر في لفظ يدي روايتين: فتح الياء الأولى، كما أثبتنا، وهي رواية أبي عبيد، وضمها. مادة "يدي" اللسان "6/ 4952".
وذكر عن ابن بري أن البيت لضمرة بن ضمرة النهشلي، وبعده:
تركت بني ماء السماء وفعلهم ... وأشبهت تيسا بالحجاز مزنما
وفي شعر النابغة ثلاثة أبيات من وزن البيت وقافيته، وليس البيت فيها.
واليد: النعمة والإحسان. مادة "يدي" اللسان "6/ 4952".
موضع الشاهد: "فإن له عندي يديا وأنعما".
إعراب الشاهد: إن: حرف توكيد ونصب. له: جار ومجرور خبر مقدم.
عندي: مفعول فيه، منصوب بالمفعولية، والياء مضاف إليه.
يديا: اسم إن مؤخر. أنعما: معطوف على يديا منصوب بالتبعية. [2] آنفا: سابقا.
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 253