اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 213
وأما قولهم: أسطاع يسطيع، فذهب سيبويه فيه إلى أن أصله: أطاع يطيع، وأن السين فيه زيدت عوضا من[1] سكون عين الفعل، وذلك أن أطاع أصله كأطوع، فنقلت فتحة الواو إلى الطاء، فصار التقدير: أطوع، فانقلبت الواو ألفا، لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها الآن.
وتعقب أبو العباس رحمه الله هذا القول فقال: إنما يعوض من الشيء إذا فقد وذهب، فأما إذا كان موجودا في اللفظ، فلا وجه للتعويض منه، وفتحة العين التي كانت في الواو قد نقلت إلى الطاء التي هي الفاء، ولم تعدم، وإنما نقلت، فلا وجه للعوض من شيء موجود غير مفقود.
وقد ذهب عن أبي العباس ما في قول سيبويه هذا من الصحة، فإما غالط وهي من عادته معه، وإما وهم في رأيه هذا.
والذي يدل على صحة قول سيبويه في هذا، وأن السين عوض من حركة عين الفعل، أن الحركة التي هي الفتحة وإن كانت كما قال أبو العباس موجودة منقولة إلى الفاء لما فقدتها العين، فسكنت بعد ما كانت متحركة، توهنت[1] لسكونها، ولما دخلها من التهيؤ للحذف عند سكون اللام، وذلك قولك لم يطع، وأطع، ولا تطع ففي كل هذا قد حذفت العين لالتقاء الساكنين، ولو كانت العين بحالها متحركة لما حذفت، لأنه لم يكن هناك التقاء ساكنين، ألا ترى أنك لو قلت: أطوع يطوع ولم يطوع وأطوع زيدا، لصحت العين ولم تحذف، فلما نقلت عنها الحركة وسكنت سقطت، لاجتماع الساكنين، فكان هذا توهينا وضعفا لحق العين، فجعلت السين عوضا عن سكون العين الموهن لها، المسبب لقلبها وحذفها، وحركة الفاء بعد سكونها لا تدفع عن العين ما لحقها من الضعف بالسكون والتهيؤ للحذف عند سكون اللام.
وقال الفراء في هذا: شبهوا أسطعت بأفعلت.
فهذا يدل من كلامه على أن أصلها استطعت، فلما حذفت التاء بقي على وزن أفعلت، ففتحت همزته وقطعت. [1] الأظهر أن تكون "من" تعليلية، أي بسبب سكون عين الفعل لذهاب حركتها، لأن السين في الحقيقة زيدت للتعويض عن حركة العين التي نقلت إلى الطاء. كما صرح المؤلف.
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 213