اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 158
وقال سحيم1:
وما دمية من دمى ميسنا ... ن معجبة نظرا واتصافا2
أراد ميسان، فزاد نونا.
والعلة في قلب هذه الواو في هذا الموضع تاء، أنهم لو لم يقلبوها تاء، لوجب أن يقلبوها إذا انكسر ما قبلها ياء، فيقولوا: ايزن، ايتعد، ايتلج، فإذا انضم ما قبلها ردت إلى الواو فقالوا: موتعد، وموتزن، وموتلج، وإذا انفتح ما قبلها قلبت ألفا، فقالوا: ياتعد، وياتزن، وياتلج، فلما كانوا لو لم يقلبوها تاء صائرين من قلبها مرة ياء، ومرة ألفا، ومرة واوا، إلى ما أريناه، أرادوا أن يقلبوها حرفا جلدا[3]، تتغير أحوال ما قبلها وهو باق بحاله، وكانت التاء قريبة المخرج من الواو، لأنها من أصول الثنايا[4]، والواو من الشفة، فأبدلوها تاء، وأدغموها في لفظ ما بعدها، وهو التاء، فقالوا: اتعد واتزن[5]، وقد فعلوا هذا أيضا في الياء، وأجروها.
1 سحيم: عبد بني الحسحاس، وهو حلو الشعر رقيق الحواشي، وكان عبدا أسود، أعجمي ذو لكنة. روي نه أنشد أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه-:
عميرة ودع إن تجهزت غاديا ... كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
قال له: لو قلت شعرك مثل هذا لعطيتك عليه.
2 ميسنان: هي ميسان اسم كورة واسعة كثيرة القرى تقع بين البصرة وواسط وزاد فيها سحيم نونا للضرورة.
والشاهد في قوله "اتصافا" فقد قلبت الواو تاء.
إعراب الشاهد: اتصافا: معطوف منصوب بالتبعية وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. [3] حرفا جلدا: أي يحتمل الحركة. [4] الثنايا: أربعة أسنان في مقدمة الفم، اثنتان في الفك الأعلى واثنتان في الفك الأسفل، والواحدة "ثنية". مادة "ثنى". اللسان "1/ 516" [5] في هامش أحد النسخ الخطية، ولعله من كلام ابن هشام: "قال بعضهم التحقيق في "اتعد" أن الواو قلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، كما في ميزان: ثم قلبت الياء تاء كما في اتسر، ثم أدغم، قلت: وعلى هذا يتجه أن يقال: فهلا اختص ببعض ما يتصرف فيه ذو الواو، كما في استنوا.
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 158