اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 157
وهذه الألفاظ التي جمعتها وإن كانت كثيرة، فإنه لا يجوز القياس عليها، لقلتها بالإضافة إلى ما لم تقلب واوه تاء، فلا تقول قياسا على تقية في وقية: تزير في وزير، ولا تقول في وجيهة تجيهة، ولا في أوعد أتعد، قياسا على أتلج، ولا في ولهى[1] تلهى، قياسا على تترى.
فأما ما تقيس عليه لكثرته فافتعل وما تصرف منه، إذا كانت فاؤه واوا، فإن واوه تقلب تاء، وتدغم في تاء افتعل التي بعدها، وذلك نحو: اتزن، أصله: اوتزن، فقلبت الواو تاء، وأدغمت في تاء افتعل، فصار اتزن، ومثله اتعد واتلج واتصف من الوصف.
قال الأعشى2:
فإن تتعدني أتعدك بمثلها ... وسوف أزيد الباقيات القوارصا3
وقال طرفة4:
فإن القوافي يتلجن موالجا ... تضايق عنها أن تولجها الإبر5 [1] ولهى: الوالهة وهي من اشتد حزنها حتى ذهب عقلها أو من حنت إلى طفلها.
2 الأعشى: هو أبو بصير ميمون الأعشى بن قيس بن جندل من أصحاب المعلقات.
3 تتعدني: تتوعدني وتتهددني. القاموس المحيط "1/ 343".
القوارص: واحدها: القارصة وهي الكلمة التي تنغص وتؤلم. القاموس المحيط "2/ 310".
الشرح: يقول الشاعر: إن هددتني هددتك وأزيد على ذلك هجائي لك.
والشاهد: "تتعدني" فقد أبدلت الواو تاء.
إعراب الشاهد: تتعدني: فعل مضارع مجزوم بـ"إن" وعلامة الجزم السكون، والنون: للوقاية، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت، والياء: ضمير مبني في محل نصب مفعول به.
4 طرفه: هو عمرو بن العبد البكري: أقصر فحول الشعراء عمرا، ومال إلى الشعر والوقوع به في أعراض الناس، حتى هجا عمرو بن هند ملك العرب على الحيرة فتخلص منه عمرو بن هند وقتل طرفة عن عمر يناهز 26 عاما.
5 يتلجن: يدخلن. موالجا: مداخلا.
يقول: إن القوافي والأشعار تتلمس اللطيف من المعاني والغائر حتى لو كانت تلك المعاني طرفا ومداخلا لما دخلتها الإبر من لطفها وضيقها.
الشاهد: "يتلجن" حيث أبدلت الواو تاء.
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 157