اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 159
مجرى الواو، فقالوا في افتعل من اليبس واليسر: اتبس واتسر، وذلك لأنههم كرهوا انقلابها واوا متى انضم ما قبلها في نحو موتبس، وألفا في ياتبس، فأجروها مجرى الواو قالوا: اتبس واتسر، ومن العرب من لا يبدلهما تاء. ويجري عليهما من القلب ما تنكبه[1] الآخرون، فيقول: ايتعد، وايتزن، وايتبس، ويوتعد، وياتعد، ويوتزن، وياتزن، وياتبس، وموتعد، وموتبس.
وسمع الكسائي[2]: الطريق ياتسق وياتسع، أي يتسق ويتسع. واللغة الأولى أكثر وأقيس، وهي لغة أهل الحجاز، وبها نزل القرآن.
فهذا إبدال التاء من الواو والياء فاءين.
وقد أبدلت منهما لامين. قالوا: أخت، وبنت، وهنت، وكلتا، أصل هذا كله أخوة، وبنوة، وهنوة، وكلوا، فنقلوا أخوة وبنوة ووزنوهما فعل، إلى فعل وفعل، وألحقوهما بالتاء المبدلة من لامها، بوزن قفل وحلس[3]، فقالوا: أخت وبنت، وليست التاء فيهما بعلامة تأنيث، كما يظن من لا خبرة له بهذا الشأن، لسكون ما قبلها.
= ويجاب عنه بما أجيب عن دولج وهنية، فإن "اوتعد" لم تستعمل البتة، وأبو الفتح جعل الواو قلبت تاء، من أول الأمر، لما ذكر من خوف تنقلها، لكن في كلامه نظر، فإنه إذا انفتح ما قبلها في نحو يوتعد، فإنه لا وجه لقلبها ألفا. فقوله: إن ذلك يقتضي قلبها ألفا، مشكل. وكذا في يبتسر، لا مقتضى لقلب الياء ألفا، ألا ترى أن الذي يكره نقل حرف العلة، قال: يوتعد ويوتزن.
فإن قلت: وقال أيضا: ياتعد وياتزن، كما حكى أبو الفتح الأمرين معا.
قلت: ذاك قلب خارج عن القياس، قصد به التخفيف، وهو في مقام بيان أن هذا البدل كان يلزم عدم الإبدال تاء وليس كذلك. [1] تنكبه: عدلوا عنه. مادة "نكب". اللسان "6/ 4534". [2] الكسائي: نحوي ولغوي عربي كوفي من أرباب الكوفيين، سمع عن العرب الفصحاء وروى عنهم. [3] الحلس: كل ما ولي ظهر الدابة والقتب والسرج، وما يبسط في البيت من حصير ونحوه تحت كريم المتاع، ويقال: هو حلس بيته أي لا يبرحه، وهو من أحلاس الخيل، ملازم لظهورها، وأم حلس: كنية الأتان، "ج" أحلاس وحلوس. مادة "حلس". اللسان "2/ 961".
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 159