اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 148
فهذه كلها أفعال النفس التي تحدث لها ولا تتجاوزها، وإنما هي بمنزلة كرمت وحسنت وظرفت وشرفت.
فهذه أحوال الباء في زيادتها مع الفضلة، أعني بالفضلة المفعول، وفيه معظم زيادة الباء.
وقد زيدت الباء أيضا مع أحد جزأي الجملة التي لا تنعقد مستقلة إلا به، وذلك على ثلاثة أضرب: أحدها المبتدأ، والآخر الخبر، والآخر الفاعل.
فأما المبتدأ فقوله: بحسبك أن تفعل كذا، إنما هو حسبك أن تفعل كذا، والباء زائدة.
وأنشدنا أبو علي[1] قال: أنشد أبو زيد2:
بحسبك في القوم أن يعلموا ... بأنك فيهم غني مضر3
أي حسبك ذلك، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِين} [الأنفال: 64] [4]، ولا أعلم الآن مبتدأ زيدت فيه الباء غير هذه اللفظة.
وقولهم: "أثى[5] به الدهر بما أتى به". [1] أبو علي: الحسن الفارسي شيخ ابن جني.
2 أبو زيد: صاحب كتاب النوادر.
3 البيت للأشعر الرقبان الأسدي الجاهلي. "نوادر أبي زيد/ ص73".
المضر: معناه الذي له ضر من مال، أي له قطعة منه.
وقال بعضهم: مضر: أي صاحب ضرائر. والأول أحسن، وهو أشبه بالمعنى.
الشرح: يقول: أنت موسر، وأنت مع ذلك بخيل.
والشاهد في قوله: "بحسبك" فقد زيدت الباء مع المبتدأ.
إعرابه: الباء حرف جر زائد، حسب: مبتدأ مجرور لفظا مرفوع محلا، والكاف ضمير مبني في محل جر مضاف إليه. [4] {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِين} : حسبك: كفاك.
الشاهد: ورود حسبك بدون حرف جر زائد. [5] في لسان العرب في "أثا" أثوت الرجل وأثيته، وأثوت به وأثيت به وعليه أثوا وأثيا وإثاوة وإثاية، وشيت به، وعلى هذا يكون معنى العبارة: "ما أتى به الرجل نم به الدهر".
الباء في "بما" زائدة، و"ما" مبتدأ. والجملة قبلها خبر.
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 148