اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 147
وقرأت عليه أيضا عنه1:
إذا لاقيت قوما فاسأليهم ... كفى قوما بصاحبهم خبيرا
وهذا من المقلوب. معناه: كفى بقوم خبيرا صاحبهم، فجعل الباء في الصاحب، وموضعها أن تكون في "قوم"، إذ هم الفاعلون في المعنى. وكذلك قوله تبارك اسمه: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} [2] [البقرة: 195] ، تقديره والله أعلم: ولا تلقوا بأيديكم، وهذا واسع عنهم جدا.
وأما قول الآخر3:
فأصبحن لا يسألنه عن بما به ... أصعد في علو الهوى أو تصوبا4
فإنه زاد الباء، وفصل بها بين "عن" وما جرته، وهذا من غريب مواضعها.
فأما قولهم: سميته زيدا وبزيد، وكنيته أبا عبد الله وبأبي عبد الله، فليست الباء فيه زائدة، وإنما أوصلوا بها الفعل تارة إلى المفعول، وأوصلوه تارة أخرى بنفسه، كما قالوا: جئته وجئت إليه، وخشنت صدره[5]، وخشنت بصدره.
فأما قولهم: فرقته وفرقت منه، وجزعته[6] وجزعت منه، فأصلهما أن يتعديا بحرف الجر، وإنما يحذف تخفيفا، يدل على ذلك أن فرقت وجزعت أفعال غير واصلة، بمنزلة بطرت[7] وأشرت وعرصت وهبصت[8].
1 الضمير فيها راجع إلى أحمد بن يحيى ثعلب. [2] أي إلى الهلاك، واستشهد ابن جني بها على زيادة الباء في "بأيديكم".
3 البيت للأسود بن يعفر "كما في المقاصد النحوية في شرح شواهد الألفية. للعيني" بهامش خزانة الأدب للبغدادي "4/ 103".
4 صعد: طلع. العلو: الارتفاع. الهوى: السقوط.
الشرح: لم تعد هؤلاء النسوة تسأله عما يحدث له أو عما يفعله.
والمؤلف قد شرح الشواهد في المتن وهو زيادة الباء بين حرف الجر والاسم المجرور. [5] خشن صدر فلان: أغضبه وهيجه. القاموس المحيط "4/ 215". [6] جزعته: خفت منه. مادة "جزع". اللسان "1/ 616". [7] بطرت: غلا في المرح، والنعمة: استخفها فكفرها، والحق: أنكره. القاموس "1/ 371". [8] عرصت وهبصت: نشطت. القاموس المحيط "2/ 305". مادة "عرص".
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 147