اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 141
وعلى هذا ما أنشده سيبويه من قول لبيد1:
فإن لم تجد من دون عدنان والدا ... ودون معد فلتزعك العواذل2
فعطف "دون" على موضع "من دون". وأنشد أيضا لعقيبة الأسدي3:
معاوي إننا بشر فأسجح ... فلسنا بالجبال ولا الحديدا4
عطف الحديد على موضع "بالجبال".
1 لبيد: هو أبو عقيل لبيد بن ربيعة العامري أحد أشراف الشعراء المجيدين وهو من الشعراء المخضرمين الذين عاشوا في الجاهلية والإسلام، وقد أسلم لبيد وحسن إسلامه ومات بالكوفة سنة إحدى وأربعين من الهجرة عن عمر يناهز المائة وثلاثين عاما.
2 العواذل: زواجر الأيام من حوادثها وخطوبها. تزعك: تكفك.
شرح البيت على هذا: أن زواجر الأيام تكفه وتمنعه عم يشين.
الشاهد في قوله: "دون" فقد نصبها، عطفا على محل من دون، كما ذكر المؤلف.
3 عقيبة بن هبيرة، شاعر من قبيلة "أسد" وهو من المخضرمين الذين عاشوا في الجاهلية والإسلام ويخاطب في بيته معاوية بن أبي سفيان.
4 معاوي: هو معاوية بن أبي سفيان، وحذفت التاء على ترخيم المنادى.
أسجح: ارفق وسهل.
الشرح: يشكو الشاعر إلى معاوية ظلم العمال ويطلب منه الرفق والتسهيل.
والشاهد في قوله "الحديدا" فقد نصبها عطفا على محل "بالجبال".
وقد ذكر التأويل سيبويه واعترض عليه المبرد وتبعه جماعة منهم العسكري وصاحب التصحيف. فقالوا: إن رواية سيبويه بالنصب، مع أن البيت ورد في قصيدة مجرورة وبعده ما يدل على ذلك، وهو قوله.
فهبنا أمة ذهبت ضياعا ... يزيد أميرها وأبو يزيد.
أكلتم أرضنا فجردتموها ... فهل من قائم أو من حصيد
ترجون الخلود إذا هلكنا ... فلا لكم ولا لي من خلود
ومعنى جردتموها: أي استأصلتم ما عليها. انظر، الكتاب "1/ 34".
وقد دافع الأعلم عن سيبويه وقال: ليس سيبويه بمتهم فيما نقله فقد ذكر بيتا آخر منصوبا بعده وهو:
أديرها بني حرب عليكم ... ولا ترموا بها الغرض البعيدا
فلعلها قصيدة أخرى، وقيل البيت لعبد الله بن الزبير، وليس ببعيد أن يكون للشاعرين أخذه أحدهما من صاحبه وهذا كثير في الشعر.
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 141