responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني    الجزء : 1  صفحة : 142
ولهذا قال سيبويه: إنك إذا قلت: مررت بزيد، فكأنك قلت: مررت زيدا، تريد بذلك أنه لولا الباء الجارة لانتصب زيد، وعلى ذلك أجازوا مررت بزيد الظريف، بنصب الظريف[1] على موضع بزيد، ومن هنا أيضا قضى النحويون على موضع الجار والمجرور إذا أسند الفعل إليهما، بأنهما في موضع رفع، وذلك نحو: ما جاءني من رجل، وما قام من أحد، وكذلك ما لم يسم فاعله، نحو: سير بزيد، وعجب من جعفر، ونظر إلى محمد، وانصرف عن زيد، وانقطع بالرجل.
وإنما قضوا في هذه الأشياء في هذه المواضع برفع معانيها، من قبل أنها قد كانت مع الفعل المسند إلى فاعله منصوبة المواضع، نحو: سرت بزيد، وعجبت من خالد، ونحو ذلك، فلما لم يسم الفاعل، وأسند الفعل الذي كان منصوبا مع الفعل، قضي برفعه، لقيامه مقام الفاعل، فإذا جاز لهم أن يقضوا على موضع الفعل والفاعل في بعض المواضع بأنهما في موضع رفع، وإن كان الفعل مستقلا بفاعله، وذلك قولهم: حبذا[2] زيد، وحبذا هند، فأن يقضوا على موضع الجار والمجرور، اللذين لا يستغني أحدهما عن صاحبه، ولا يجوز الفصل بينه وبينه بظرف ولا غيره، أجدر بالجواز. ويدلك على شدة امتزاج[3] حرف الجار بما جره، وأن العرب قد أجرتهما جميعا مجرى الجزء الواحد، قولهم: مررت بي، والمال لي، فتسكينهم الياء في بي ولي، وكونهما[4] على حرف واحد يدلك على اعتمادهما على الباء واللام قبلهما، وأنهما غير مقدري الانفصال منهما[5]، لقلتهما في العدد، وضعفهما بالسكون.
ولأجل ما ذكرناه من شدة اتصال الجار بالمجرور، ما قبح عندهم حذف الجار وتبقية جره بحاله، إلا فيما شذ عنهم، من ذلك ما حكاه سيبويه من قولهم في القسم مع الخبر لا الاستفهام، وذلك قولهم: الله لأقومن.

[1] هذا ما يعرف بالإتباع على المحل.
[2] حبذا: الأمر -أسلوب للمدح- ويقال: حبذا الرجل والرجلان والرجال والمرأة، والمرأتان والنساء.
[3] امتزاج: يقصد الترابط الشديد الذي يجعلهما ككلمة واحدة، وسيأتي ذلك في المتن.
[4] يريد كون الياء في اللفظين: بي، لي.
[5] منهما: أي من الياءين.
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني    الجزء : 1  صفحة : 142
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست