اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 318
لفظت به العرب بألسنتها، فعربته فصار عربيًّا بتعريبها إياه فهي عربية في هذه الحال، أعجمية الأصل"[1].
ولكن اللغويين العرب حين ألفوا الكتب في المعرب والدخيل، لم يحسنوا دائمًا التمييز بين العربي والأعجمي، فكثيرًا ما نفوا أعجمية لفظ لأن القرآن نزل به، وليس في القرآن عندهم دخيل، وكثيرًا ما زعموا عجمة لفظ من غير أن يقيموا عليها الدليل.
وما بحث الاشتقاق عنا ببعيد، ففيه وجدنا وسيلة رائعة للتمييز بين الأصيل والدخيل، ولكن علماءنا عطلوا هذه الوسيلة وأبطلوها بحنوحهم مثلًا إلى عربية "الفردوس" لنزول القرآن بها، حتى اشتقوها من "الفردسة" بمعنى السعة، وكان عليهم أن يعترفوا بأن الفردسة مشتقة من اللفظ الأجنبي "الفردوس"[2]. وقل مثل ذلك في الإستبرق والسندس وسائر ما ورد في القرآن من الألفاظ الأعجمية المعربة التي أذهب القرآن عجمتها باشتماله عليها[3].
وقد ادعوا العجمة أحيانًا دون بيان الأصل، مثل كلمة "جرداب" معرب "كرداب" وهو وسط البحر، أو الدوامة في الماء، وكلمة "جاموس" وهي تعريب "كاوميش"[4]. [1] المعرب "للجواليقي" ص5. [2] راجع ص179. [3] قارن بما ذكرناه ص178. وقد رتب السيوطي في كتابه "المهذب" على حروف المعجم ما رجع أنه أعجمي مع أنه وارد في القرآن. وفي الكتاب زهاء مائة كلمة من هذه المعربات القرآنية، فلو أن دراسًا للغات الأجنبية المذكورة قارن هذه المائة من المعربات بما يظن أن يقابلها في تلك اللغات لخرج -كما نقدر- بنتيجة لا تسر، فسيرى أن علماءنا كانوا يجهلون تلك اللغات، ويخلطون بينها، ويجعلون اللغات السامية شقيقات العربية، على نسبة واحدة من العجمة مع سائر اللغات الأجنبية "قارن بأسرار اللغة 113 ط/ 2". [4] انظر تقديم المرحوم الدكتور عبد الوهاب عزام لكتاب المعرب "للجواليقي" ص4 من أسفل.
اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 318