اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 317
والقرآن احتوى على جميع لغات العرب، وأنزل فيه بلغات غيرهم من الروم والفرس والحبشة شيء كثير"[1].
وحين نقرأ عن بعض الأئمة الأعلام أنهم شددوا النكير على القائلين بوقوع المعرب في القرآن، حتى قال أبو عبيدة: "من زعم أن فيه غير العربية فقد أعظم القول! "[2]، فلنفهم من ذلك منع وقوعه إن بقي على حاله من العجمة، فأما إذا نُزل على أحكام العربية، وحُول إليها، وطبع بميسمها، فلا ضير أن نرى فيه ما رأى أبو عبيد القاسم بن سلام بعد أن حكى القول بالوقوع عن الفقهاء، والقول بالمنع عن أهل العربية؛ إذ قال: "والصواب عندي مذهب فيه تصديق القولين جميعًا، وذلك أن هذه الأحرف أصولها أعجمية كما قال الفقهاء، لكنها وقعت للعرب فعربتها بألسنتها وحولتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها، فصارت عربية، ثم نزل القرآن وقد اختلطت الحروف بكلام العرب، فمن قال: إنها عربية فهو صادق، ومن قال: إنها أعجمية فصادق! "[3].
وليس في هذه العبارة الأخيرة تناقض، فالمراد منها -كما فهم الجواليقي"[4]- "أن هذه الحروف بغير لسان العرب في الأصل ... ثم [1] نسب السيوطي هذا القول إلى الإمام ابن النقيب في تفسيره "قارن بالمتوكلي 2/ 1". [2] المهذب للسيوطي "6/ ب" وهو مخطوط صغير يتلو مخطوط "المتوكلي" الذي سبق ذكره، وقد ضم أحدهما إلى الآخر في مجلدة صغيرة أتاح لنا الاطلاع عليها مالكها الأستاذ أحمد عبيد، فله جزيل الشكر. وقارن بالمعرب للجواليقي ص4. [3] قارن المزهر 1/ 269 بالمهذب 8/ 1 والصاحبي 29. [4] الجواليقي هو موهوب بن أحمد، أبو منصور، صاحب كتاب "المعرب من الكلام الأعجمي على حروف العجم" الذي حققه وشرحه ونشره العلامة أحمد محمد شاكر. وله كتب أخرى أشهرها "شرح أدب الكاتب" وقد طبع بمكتبة القدسي في القاهرة سنة 1350هـ "وتكملة إصلاح ما تغلط فيه العامة" الذي أكمل به "درة الغواص للحريري" وقد طبع سنة 1355هـ بدمشق بمطبعة ابن زيدون. توفي الجواليقي سنة 540هـ "انظر ترجمته في مقدمة الشيخ شاكر لكتاب المعرب، ومقدمة الأستاذ عز الدين التنوخي لكتاب التكملة".
اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 317