اسم الکتاب : اللغة المؤلف : جوزيف فندريس الجزء : 1 صفحة : 342
النصيب الذي ساهم به الكتاب الفرنسيون في تكوين اللغة المشتركة عندنا كبير جدا, فاللغة التي نتعلمها في المدرسة ندين بها إلى المجهود المزدوج الذي قام به الأدباء والنحاة[1], فهم الذين خلقوا لنا هذه الأداة الجميلة، وسهروا عليها بحدب شديد عاملين على ألا يعلوها الصدا، فيغير معالمها, وقد يبدو لنا أن تطهير اللغة الذي دام قرونا عديدة عمل جدلي رخيص، مغرق في الادعاء والتظاهر، ولكن الفوائد التي نجنيها من هذا العمل تحملنا على الاعتراف بالجميل لمن قاموا به.
فأصبح لدينا بفضل أساتذة المدارس الذين درجوا على دراسة الكتاب، خير قالب نصوغ فيه أفكارنا، وصارت لنا لغة كل كلمة من كلماتها لها معناها اللائق، وكل تركيب من تراكيبها قد انفرد بدقائق ولطائف لا تبارى؛ إذ إنهم أقصوا عن اللغة كل ما يجرح الطبع السليم والذوق الحسن، ودأبوا على إخضاعها لقواعد العقل واللياقة فجعلوا منها، على حد قول بوهور Bouhours، أداة قادرة "على إمساك أشد المواد قوة ورفع أشدها ضعفا"، وبالاختصار جعلوها منذ البداية قديرة على الاستجابة لكل مطالب العقل, وقد استفادت اللغة المشتركة أجل فائدة من الأعمال التي قاموا بها. استفادت الوضوح والأناقة والدقة مع التنوع، وكما قال ريفارول Rivarol "لقد استفادت تلك الأمانة المتصلة بعبقريتها".
كبار الكتاب يصنعون بالكلمات ما كان يصنعه الملوك القدماء بالنقود، يفرضون القيمة التي يريدونها ويحددون لها السعر الذي على كل فرد أن يقبله. وبذلك ينفذ فينا شيء من عقليتهم، وإذا تكلمنا الفرنسية فإن بسكال ولارو شفوكو ولا برويير وبوسويه ومنتسكيو وفولتير, هم الذين يملون علينا الكلمات التي نستعملها. وكل منا حين يكتب يعترف على غير شعور منه من ذكرياته المدرسية، مهما قل تعليمه. وهذا الكاتب المعاصر الذي نعرفه مثالا ليست لغته إلا نسخة من كتابنا الكلاسيكيين، فهو يصلح أن يتخذ مثلا يحتذى من كل من يحاول الكتابة بالفرنسية، لأنه يحقق على وجه الكمال المثل الأعلى للفرنسية [1] انظر برينو Brunot، رقم 57، مجلد 4, ص219 وما يليها، وراجع أيضا الكسيس فرنسوا Alexis francois؛ La grammaire du purisme et l'Academie francaise au 18 e siecle باريس "1905".
اسم الکتاب : اللغة المؤلف : جوزيف فندريس الجزء : 1 صفحة : 342