اسم الکتاب : المسالك والممالك المؤلف : البكري، أبو عبيد الجزء : 1 صفحة : 213
تفارقه، فأرسلها من وثاقها «1» ، فتغفّلته وتردّت في البحر وذهبت سابحة ثمّ ظهرت له بعد يوم وألقت له صدفا فيه درّ نفيس، ثم ولت ذاهبة. فكان ذلك الغلام يعرف بابن البحرية.
309 وفي هذا البحر المذكور أسماك «2» طيّارة تطير ليلا فترتعي في البراري، فإذا أزف طلوع الشمس عادت إلى البحر، وفيه سمكة خضراء شهباء من أكل منها اعتصم من الطعام أيّاما كثيرة وتجزّأ بها عنه فلم يرده ولم يجد «3» لفقده مساءة. وفيه سمكة ربّما نبت على ظهرها الحشيش «4» والصدف، وربّما أرسى عليها أصحاب المراكب فيظنّون أنّها جزيرة، وإذا رفعت إحدى جناحيها كانت مثل الشراع العظيم، وإذا رفعت رأسها من الماء كان كالجبل الضخم، وإن نفخ الماء من فيه كان كالصومعة الجليلة، وإذا سكن البحر جذب السمك بذنبه ثمّ فغر فاه فغاصت فيه كأنّما غاصت في بئر، ويقال له القيدور، وأهل المراكب يحذرونه على سفنهم ثمّ يضربون بالنواقيص طول ليلتهم. وهذه السّمكة أيضا تكون في بحر هركند «5» .
310 وفي بحر هركند حيّات عظام تخرج إلى البرّ فتبتلع الفيلة وتكتف الصّخور في البرّ فتكسّر عظامها في أجوافها ويسمع لذلك صوت هائل، وقليل ما تظهر وربّما احتال بعض الملوك لها- أعني ملوك الهند والزنج- فيصيدونها ويطبخونها ويستخرجون دهنها فيدهنون به فتزيد في قوّتهم ونشاطهم وهيبتهم، ويستعملون من جلودها فرشا، وهي جلود موشّاة ملمّعة ألين من الحرير، إذا جلس عليها صاحب السّلّ أمن السلّ أن يصيبه أبدا.
اسم الکتاب : المسالك والممالك المؤلف : البكري، أبو عبيد الجزء : 1 صفحة : 213