responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عثمان بن عفان ذو النورين المؤلف : محمد رضا    الجزء : 1  صفحة : 170
- المحاصرون يمنعون عنه الماء [1] :
كانت مدة الحصار أربعين يوماً [2] ، أو ما يقرب من ذلك، فلما مضت ثمان عشرة ليلة قدم ركبان من الأمصار فأخبروا بخير من تهيأ إليهم من الجنود وشجعوا الناس، فعندئذٍ حالوا بين الناس وبين عثمان ومنعوه كل شيء حتى الماء، فأرسل عثمان إلى عليٍّ سراً، وإلى طلحة، والزبير، وأزواج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: "إنهم قد منعوني حتى الماء، فإن قدرتم أن ترسلوا إلينا الماء فافعلوا" [3] .
فكان أولهم إجابة عليٌّ وأم حبيبة زوج النبي صلى اللَّه عليه وسلم، فجاء عليّ في الغلس [4] فقال:
"يا أيها الناس، إن الذي تفعلون لا يشبه أمر المؤمنين، ولا أمر الكافرين فلا تقطعوا عن هذا الرجل الماء ولا المادة، فإن الروم وفارس لتأسر فتطعم وتسقي".
فقالوا: لا واللَّه ولا نعمة عين. فرمى بعمامته في الدار بأني قد نهضت ورجعت، وجاءت أم حبيبة على بغلة لها مشتملة على إداوة. فضربوا وجه بغلتها فقالت: إن وصايا بني أمية عند هذا الرجل. فأحببت أن أسأله عنها لئلا تهلك أموال الأيتام والأرامل. فقالوا: كاذبة، وقطعوا حبل البغلة بالسيف، فنفرت وكادت تسقط عنها، فتلقاها الناس، فأخذوها وذهبوا بها إلى بيتها.
وتجهزت عائشة خارجة إلى الحج هاربة واستتبعت أخاها، فأبى، فقالت:
"أمَ واللَّه لئن استطعت أن يحرمهم اللَّه ما يحاولون لأفعلن" [5] . وجاء حنظلة الكاتب حتى -[171]- قام على محمد بن أبي بكر فقال: يا محمد، تستتبعك أم المؤمنين فلا تتبعها، وتدعوك ذؤبان العرب إلى ما لا يحل فتتبعهم؟!. فقال: ما أنت وذاك يا ابن التميمية؟. فقال: يا ابن الخثعمية إن هذا الأمر إن صار إلى التغلب غلبتك عليه بنو عبد مناف وانصرف وهو يقول:
عجبت لما يخوض الناس فيه ... يرومون الخلافة أن تزولا
ولو زالت لزال الخير عنهم ... ولاقوا بعدها ذلاً ذليلاً
وكانوا كاليهود أو النصارى [6] ... سواء كلهم ضلوا السبيلا
ولحق بالكوفة. وخرجت عائشة وهي ممتلئة غيظاً على أهل مصر وجاءها مروان بن الحكم فقال: يا أم المؤمنين، لو أقمت كان أجدر أن يراقبوا هذا الرجل. فقالت: أتريد أن يصنعوا بي كما صنع بأم حبيبة. ثم لا أجد من يمنعني لا واللَّه ولا أُعيّرُ ولا أدري إلى ما يسلم أمر هؤلاء.
وبلغ طلحة والزبير ما لقي عليّ، وأم حبيبة، فلزموا بيوتهم، وبقي عثمان يسقيه آل حزم في الغفلات. عليهم الرقباء. فأشرف عثمان على الناس فاستدعى ابن عباس، فأمره أن يحج بالناس وكان ممن لزم الباب. فقال: جهاد هؤلاء أحب عليَّ من الحج، فأقسم عليه فانطلق.

[1] الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 2/ص 672، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 3/ص 63.
[2] ورد في الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 2/ص 668: (فأقاموا على حصاره تسعة وأربعين يوماً".
[3] الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 2/ص 672، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 3/ص 63.
[4] الغلس: ظلمة آخر الليل. [القاموس المحيط، مادة: غلس] .
[5] الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 2/ص 673، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 3/ص 64.
[6] ورد في ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 3/ص 64: "وكالنصارى".
اسم الکتاب : عثمان بن عفان ذو النورين المؤلف : محمد رضا    الجزء : 1  صفحة : 170
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست