responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عثمان بن عفان ذو النورين المؤلف : محمد رضا    الجزء : 1  صفحة : 169
- اشتداد الحصار [1] :
لما اشتد الحصار على عثمان رضي اللَّه عنه أرسل إلى عليٍّ، وطلحة، والزبير، فحضروا فأشرف عليهم فقال:
"يا أيها الناس. اجلسوا فجلسوا يا أهل المدينة أستودعكم اللَّه وأسأله أن يحسن عليكم الخلافة من بعدي. أنشدكم اللَّه هل تعلمون أنكم دعوتم اللَّه عند مصاب عمر أن يختار لكم ويجمعكم على خيركم. أتقولون: إن اللَّه لم يستجب لكم وهنتم عليه، وأنتم أهل حقه. أم تقولون: هان على اللَّه دينه فلم يبال من ولى، والدين لم يتفرق أهله يومئذٍ، أم تقولون: لم يكن أخذ عن مشورة إنما كان لمكابرة فوكل اللَّه الأمة إذا عصته ولم يشاوروا في الإمامة، أم تقولون: إن اللَّه لم يعلم عاقبة أمري. وأنشدكم باللَّه أتعلمون لي من سابقة خير وقدم خير قدمه اللَّه لي يحق على كل من جاء بعدي أن يعرفوا لي فضلها، فمهلاً لا تقتلوني فإنه لا يحل إلا قتل ثلاثة: رجل زنى بعد إحصانه، أو كفر بعد إيمانه، أو قتل نفساً بغير حق. فإنكم إذا قتلتموني وضعتم السيف على رقابكم، ثم لم يرفع اللَّه عنكم الاختلاف أبداً" [2] .
قالوا: أما ما ذكرت من استخارة الناس بعد عمر، ثم ولوك فإن كل ما صنع اللَّه خيرة، ولكن اللَّه جعلك بلية ابتلى بها عباده. وأما ما ذكرت من قدمك وسلفك مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فقد كنت كذلك، وكنت أهلاً للولاية، ولكن أحدثت ما علمته، ولا نترك إقامة الحق عليك مخافة الفتنة عاماً قابلاً. وأما قولك إنه لا يحل إلا قتل ثلاثة، فإنا نجد في كتاب اللَّه قتل غير الثلاثة الذين سميت: قتل من سعى في الأرض فساداً، وقتل من بغى، ثم قاتل على بغيه، وقتل من حال دون شيء من الحق ومنعه وقاتل دونه، وقد بغيت ومنعت وحلت دونه وكابرت عليه، ولم تقد من نفسك من ظلمت، وقد تمسكت بالإمارة علينا. فإن زعمت أنك لم تكابرنا عليها فإن الذين قاموا دونك ومنعوك منا إنما يقاتلون لتمسكك بالإمارة، فلو خلعت نفسك لانصرفوا عن القتال معك.
فسكت عثمان، ولزم الدار، وأمر أهل المدينة بالرجوع، وأقسم عليهم فرجعوا إلا -[170]- الحسن بن علي، وابن عباس، ومحمد بن طلحة، وعبد اللَّه بن الزبير، وأشباهاً لهم، واجتمع إليهم أناس كثير.
لم يردّ عليهم عثمان، بل سكت. فهل اقتنع بأقوالهم وحججهم؟ إنه لو اقتنع لتنازل عن الخلافة. فإذا لم يقتنع. فلماذا لم يقرع الحجة بالحجة؟. لكنه على كل حال أصر على عدم التنازل كما أصر على التمسك بسياسته، فلم يعزل أحداً ممن كرهوه، ولم يجب مطالبهم التي كان قد علم بها من قبل، فلا بدَّ أنه كان يرى أنهم مخطئون فيما يطلبون.

[1] الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 2/ص 670، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 3/ص 62.
[2] الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 2/ص 672، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 3/ص 62.
اسم الکتاب : عثمان بن عفان ذو النورين المؤلف : محمد رضا    الجزء : 1  صفحة : 169
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست