responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رفع الإصر عن قضاة مصر المؤلف : العسقلاني، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 344
الكرك، فصرف فِي صفر سنة تسع وسبعمائة. ثُمَّ أعيد بعد سنة وشهرين فِي العشرين من ربع الآخر سنة عشر وسبعمائة، فاستمر إِلَى أن كف بصره، فشق عَلَيْهِ مفارقة المنصب فصنف جزءاً فِي صحة ولاية الأعمى، وسبقه إِلَيْهِ أبو سعيد ابن أبي عصرون بدمشق، ثُمَّ تلاه القاضي شرف الدين البارزي بحماة.
ونُمِيَ إِلَى الملك الناصر أن القاضي أضر وهو يكتم ذَلِكَ، وَكَانَ ذا حضر الموكب يقدمه نقيبه فيمشي عَلَى حسه، فأمر مرة بمنع نقيبه من المشي أمامه ففعل، فعثر فِي طرف الإيوان. فعرف الناصر الحال، فدس عَلَيْهِ من يعرفه أن يطلب الاستعفاء ففعل، فأعفي وبقيت معه عدة وظائف. وَكَانَ ذَلِكَ فِي عاشر جمادى الآخرة سنة سبع وعشرين وسبعمائة.
وتأخرت وفاته بعد ذَلِكَ ست سنين وهو منقطع بمنزله بشاطئ النيل جوار الجامع الجديد، وَكَانَ قَدْ ولي خطابته وإمامته منذ فتح، واستمر بيد ذُرّيته نحواً من مائة سنة.
ووصف بأنه كَانَ قابض اليد عمّن يقصده ويستعينه، فسئم الناس منه لطول ولايته، وصار هو غير مكترث بأحد لأمنه ممن يسعى عَلَيْهِ.
فاتفق أنه كَانَ متوجهاً إِلَى درس الخشابية فصدفه شيخ عتيق من أهل مصر، فقال: اللهم أزِلْ عن المسلمين مَا يكرهون. فقال القاضي بدر الدين: آمين، اللهم آمين. ثُمَّ قال لشخص معه: إن هذا قصدني بدعائه، فسمعه الشيخ فقال: لا والله يَا مولانا. فقال: بل الأمر كما أقول لَكَ: فإن الناس طالت عليهم مدتي، وبَعُدَ عهدهم بقاضٍ جديد وحاشية جديدة.
وكان القاضي كثير الاحتمال، فلم يصل للرجل منه مكروه.
ودخل إِلَيْهِ البصير الحمامي وَكَانَ لَهُ مرتب عَلَى الأحباس فسأله أن يصرفه لَهُ فامتنع، فغاب أياماً ثُمَّ دخل إِلَيْهِ ومعه درج طويل فِيهِ نحو عشرين زجَلاً أوله:
قاضي القضاة المفدّى ... ذو الكائنات المطاعهْ
سألته عن أبيه ... فقال: أنا ابن جماعهْ
وشرع يقرأ من الدرج فأمره بالسكوت، وصرف لَهُ من عنده شيئاً فأخذه وانصرف بالدرج معه.

اسم الکتاب : رفع الإصر عن قضاة مصر المؤلف : العسقلاني، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 344
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست