اسم الکتاب : رفع الإصر عن قضاة مصر المؤلف : العسقلاني، ابن حجر الجزء : 1 صفحة : 345
وَكَانَتْ لَهُ مشاركة فِي أكثر العلوم، وَلَهُ فِيهَا تصانيف لطاف، واختصر عدة تصانيف منها: علوم الحديث لابن الصَّلاح وغَيَّر ترتيبه وسماه المَنْهلَ الرَّوي،، واختصر مبهمات القرآن للسُّهيلي وزاد فِيهِ أشياء كثيرة، أظنه لخصها أيضاً من ذيل ابن عساكر. وكذا صنع فِي مناسبات أبواب البخاري، أخذ كتاب ناصر الدين ابن المُنَيِّر فاختصره اختصاراً بالغاً وَلَمْ ينسبه إِلَيْهِ، لكنه هو بعينه لَمْ يزد فِيهِ سوى شيء يسير.
وله تصانيف أخرى فِي عدة فنون حَتَّى فِي الهيئة والهندسة، وَلَهُ نَظْم كثير أورد منه ولده عز الدين فِي معجم الأدباء كثيراً. وخرج لنفسه أربعين تساعية، وخرج لَهُ البرزالي مشيخة فِي مجلدة سمعناها عَلَى حفيده شرف الدين بسماعه منه. ودرس فِي الإِقليمين فِي عدة جهات، وَكَانَ يعجبه أن يقيم بدمشق أَوْ القدس وَفِي ذَلِكَ يقول:
يَا لهفَ لن تدوم خطابتي ... بالجامع الأقصى وجامع جِلَّقِ
مَا كَانَ أهنَى عيشنا وألذّهُ ... فِيهَا وذاك طرازُ عمري لو بَقِي
الدين فِيهِ سالم من هَفْوَةٍ ... والرزق فَوْقَ كفاية المسترزِقِ
وذكره القطب الحلبي فِي تاريخ مصر فقال: ودرّس فِي عدة مدارس، وولي مَشْيَخَة الخانقاه لمعرفته بطريق القوم، وَلَهُ معرفة بالتفسير والفقه والحديث وَلَهُ تصانيف مفيدة، وأفتى سنين كثيرة، وخطب بدمشق وبالقدس، وفيه رياسة وتودد ولين جانب وكيس أخلاق ومحاضرة حسنة. وَكَانَ قوي النفس فِي ذات الله، من بيت علم وعبادة. قال: حججت معه سنة تسع عشرة، وقرأت عَلَيْهِ فِي بعض الحاج وانتفعت بِهِ، وولاني تدريس الحديث بمكانين.
وقرأ بخط الجمال البشيشي فيما جَمَعَه من أخبار قضاة مصر: كَانَ شديد الميل إِلَى القضاء يجتهد فِيهِ بكل مَا يسعه طرفه لا يقدم عَلَيْهِ شيئاً، وَكَانَ عارفاً بأحوال الزهاد والعباد، وأقام مدة بالديار المصرية يقصد بالفتوى ولا يقصدون عالماً غيره، وولي مَشْيَخَة خانقاه سعيد السعداء بالقاهرة مدة، وَكَانَ كثير التودد لين الأخرق عفيفاً عن الأموال، كثير العبادة، وحج مراراً كثيرة.
ويقال إن فتواه عرضت عَلَى الشيخ محيي الدين فاستحسن كتابته عَلَيْهَا.
وقرأت بخطه كَانَ ابن دقيق العيد قبل أن يلي القضاء مُحِباً فِي تحصيل الكتب،
اسم الکتاب : رفع الإصر عن قضاة مصر المؤلف : العسقلاني، ابن حجر الجزء : 1 صفحة : 345