اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار الجزء : 1 صفحة : 888
كما أخبر النبي وأمر، ثم سار معه إلى المدينة المنورة، فزار قبر جده الشريف وصلى بالمسجد النبوي المنيف، ثم سار معه إلى دمشق الشام، فأقام بها مدة وأخذ عن علمائها السادة الأعلام، كما أخذ عن أهل غيرها ممن مر عليهم في طريقه، غير أنه قد استقام في دمشق الشام مدة، قد بذل بها في طريق النقشية اجتهاده وجده، ثم سار إلى مدينة بغداد لزيارة السيد عبد القادر الجيلاني كعبة الإسعاد، فتكمل بهذه الرحلة، ونال ممن اجتمع بهم من ذوي الفضل كل نحلة، ولبس الخرقة القادرية من يد الأستاذ نقيب الأشراف وخليفة السيد عبد القادر سيدي السيد محمود القادري ذي الفضل الباهر، ثم رجع إلى مكة المشرفة مرة ثانية فحج وزار وتبرك بتلك الآثار السامية، ثم رجع مع والده إلى الأوطان وحالها مضمحل معدوم الراحة والأمان، وقد طال عليهم الأمد وتوالى عليهم الكرب والنكد، وتطاولت إليهم يد الأجانب، وأحاط بهم الهم والغم من كل جانب، وكثر بينهم الفساد وانحازت طوائفهم نحو التخالف والعناد، فتارة يرون كف العدو فرضاً، وتارة يحارب بعضهم بعضاَ، وقد يئسوا من نجدة الدولة العثمانية التي لها عليهم السيادة الحقية، وظهر لهم عجز جارهم سلطان المغرب الأقصى، وبحر الفتن لديهم لا تحد أمواجه ولا تحصى، فاجتمع العلماء والأشراف وأعيان القبائل من العرب وذوي الإنصاف، وقدموا على حضرة والد المترجم السيد محيي الدين وألزموه إما أن يقبل بيعتهم على الملك لنفسه وإما أن يقبلها لولده المترجم المرقوم، ولم يقبلوا له من اعتذار بل أصروا عليه غاية الإصرار، فنظر في هذا الأمر فوجد الاهتمام به واجباً، وقد خطبته هذه الإمارة ولم يكن لها طالباً. بيد أنه لا يقدر على القيام بها بنفسه لكبر سنه وعجزه، فاختار لها ولده المترجم المذكور ذا الفضل الباهر والمشهور، حيث أنه بلغ أشده ونال من الكمال حده، وترشح للإمامة وتأهل لها، حتى لم تكن تصلح
اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار الجزء : 1 صفحة : 888