responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار    الجزء : 1  صفحة : 817
إلا بعد زهد الخاصة، فإن الخاصة هم العمدة في ذلك، والمراد من الخاصة: الملوك والسلاطين والأمراء والقضاة والعلماء. وأولى من يطلب منه الزهد في الدنيا الخليفة الأعظم الذي أقامه الله لإصلاح أمور الدنيا والدين، وإحياء الشريعة وقتال الكفار ودفع المفسدين. قال الإمام الطرطوشي في كتابه المسمى سراج الملوك: إن الخليفة إذا عدل في بيت المال، وساوى نفسه بالمسلمين في الأخذ من بيت المال بقدر الحاجة، كان المسلمون كلهم عسكراً للإسلام.
والحاصل أنه إذا زهد في الدنيا واقتصر على قدر الحاجة والضرورة في جميع الأحوال يتبعه على ذلك الوزراء والأمراء والقضاة والعلماء وجميع الناس من الرجال والنساء والأغنياء والفقراء، فإذا حصل ذلك يسهل حينئذ إقامة الشريعة والقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتصير همة الجميع متوجهة لاتحاد الكلمة والاجتماع على منهج الشرع المطهر، فتحيا بذلك السنن التي أميتت، وتزول البدع التي أذيعت، وتقبل الناس على جهاد الكفار وفعل كل الطاعات، فإن الكفار إنما تغلبوا على المسلمين بسبب رغبة المسلمين في الدنيا واقتحامهم المعاصي لتحصيلها، وإزالتها مخالفة لأغراضهم الذين هم بصددها، فلا يمكن استقامتهم على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وما داموا لم يكونوا كذلك لا يستقيم لهم أمر، وقد صح عن سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه كان كثيراً ما يقول في خطبه ومجالسه: أن هذا الأمر لا يصلح آخره إلا بما صلح به أوله، ولا يحتمله إلا أفضلكم مقدرة وأملككم لنفسه. فهذه العبارة نص صريح في أنه لا يستقيم أمر المسلمين حتى يكونوا كما كان الصحابة رضي الله عنهم، وما دام الخليفة الأعظم يتبسط في الدنيا ويأخذ من بيت المال

اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار    الجزء : 1  صفحة : 817
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست