responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار    الجزء : 1  صفحة : 818
ما أراد مما زاد عن حاجته، ويتكرم في العطار بما شاء على من شاء، ولا يراعي في ذلك القواعد المشروعة، ولا يسلك مسلك الخلفاء الراشدين، فإن الناس يتبعونه فلا يمكن حصول الاستقامة لهم، ولا تتحد كلمتهم ولا ينتظم أمرهم، ولا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر، بل يصيرون كلهم يطلبون الدنيا ويتلذذون بالشهوات، ويرتكبون لتحصيلها أنواع الخطيئات، لأن الله تعالى أجرى عادته بين العباد أن يكون الناس على دين ملوكهم، فهذا هو السبب في عدم اتحاد المسلمين واتفاق كلمتهم.
وأما في زمن المهدي فإنه يسلك هو مسلك الخلفاء الراشدين، ويزهد في الدنيا ولا يأخذ من بيت المال إلا بقدر الضرورة، والناس يكونون في زمنه على طريقته يفعلون كما يفعل. فظهر بهذا أنه إذا زهد الخليفة الأعظم في الدنيا وعدل في بيت المال وأخذ منه بقدر حاجته من غير زيادة له ولخدمه وأتباعه واتخذ له من الخدم الذين يقومون بخدمته بقدر الحاجة أيضاً من غير زيادة، يتبعه على ذلك كافة الوزراء والأمراء والقضاة والعلماء وجميع الأبرار والفجار، والخليفة أمين على بيت مال المسلمين لا يتصرف في شيء منه إلا بحسب المصلحة العائدة النفع على الإسلام والمسلمين، فهو مثل قيم مال اليتيم لا يتصرف إلا بالمصلحة الظاهرة، فإن كان له مال خاص به يسعف به عن الأخذ من مال المسلمين، فلا يأخذ شيئاً، وإن لم يكن له مال يأخذ بقدر الحاجة كما قال تعالى: " ومن كان غنياً فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف " فإذا فعل ذلك اقتدى به الوزراء والأمراء والقضاة والعلماء وكافة الخلق فتتحد قلوبهم وتجتمع كلمتهم، ويقبلون على فعل الطاعات ويعرضون عن فعل السيئات، ويتركون التلذذ بالشهوات، فيتم اجتماعهم على نصرة الدين،

اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار    الجزء : 1  صفحة : 818
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست