responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار    الجزء : 1  صفحة : 816
ورأيت في كثير من الرسائل المؤلفة في شأن المهدي أنه لا يتم أمره إلا بالقيام بالشريعة الغراء، وأنه يكون على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون، ويفيض الله على الخلق نوراً ببركته فيتبعونه ويقتدون به في جميع شؤونه وأفعاله وأقواله وأحواله، حتى يكون حالهم كحاله، ووصفهم كحال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ووصفهم، لأن الناس على دين ملوكهم، فإذا استقام خليفة المسلمين وصار كالخلفاء الراشدين فإنهم كلهم يستقيمون، وإذا زهد في الدنيا يزهدون، وملاك الأمر كله هو الزهد في الدنيا وعدم التبسط فيها، ومن الأمثال القديمة: الناس على دين ملوكهم، وذكروا أن السبب في هذا المثل أن الوليد بن عبد الملك بن مروان، كان مشغوفاً بتشييد البنيان، فكان الناس في زمانه ليس لهم همة إلا تشييد البنيان والقصور، وفي ذلك طول الأمل والغرور، ثم ولي بعده أخوه سليمان بن عبد الملك بن مروان، فكان مشغوفاً بكثرة الأكل وتنويع الأطعمة وتكثير الألوان، فكان الناس في زمانه يتفاخرون بالتوسعة في تنويع المأكولات ونهمكون في التلذذ بالشهوات، وفي ذلك أعظم البليات، ثم ولي بعد سليمان ابن عمه عمر بن عبد العزيز بن مروان، الملحق بالخلفاء الراشدين، فكانت همته في الاشتغال بالطاعات والعدل وإقامة الدين، فكان الناس في زمنه راغبين في فعل الطاعات مستكثرين من فعل الخيرات، فقالوا الناس على دين ملوكهم، فالخليفة الأعظم هو القدوة لجميع المسلمين، وأعظم شيء يقتدون به هو فيه، فيكون به صلاحهم وانتظام أمرهم واتفاق كلمتهم، هو الزهد في الدنيا والتناول منها بقدر الضرورة والحاجة وترك الفضول الذي لا يحصل إلا بتعب ولجاجة، فإن حب الدنيا رأس كل خطيئة وبلية، والزهد فيها أصل كل خصلة سنية، ولا يكون الزهد من العامة

اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار    الجزء : 1  صفحة : 816
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست