اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار الجزء : 1 صفحة : 1446
فعند ذلك أحضر المترجم قلبه ورفع اليدين، ودعا له بما فتح الله به في الحال، وأبدى من التشكر والثناء على العواطف الشاهانية ما لم يكن يخطر في ذلك الوقت ببال، حيث أنه لم يزل يخصه برعايته، ويلحظه بعين عنايته، ويقربه من رفيع سدته، ويدنيه من منيع حضرته، ويرفع حجاب الوسائط بينه وبينه، ويمنع عنه همه وكدره وغينه. أبقاه الله له وللأنام حصناً حصيناً، ووقاه ما يضره وأدامه لنا سلطاناً أميناً.
ثم إنني حينما دخل المحرم سنة سبع وثلاثمائة وألف قدمت له قصيدة تبريكاً بالعام، أحببت ذكرها هنا تتميماً للغرام، وهي:
ألفت الهوى طفلاً وكهلاً وأشيبا ... وما رمت لي ديناً سواه ومذهبا
ولم أر شخصاً مثل شخصي متيما ... ولم أدر قلباً مثل قلبي معذبا
رعى الله من بات الفؤاد بحبها ... حريقاً على جمر الغضا متقلبا
إذا ما محيا البدر قابلها صبا ... إليها وأبدى للمغيب وغربا
ممنعة لا يمكن الطرف أن يرى ... جمال محياها البديع المحجبا
جفتني ومن لي من جفاها وليس لي ... أخلاي ذنب في جفاها تسببا
ومذ صوبت قلبي بسهم صدودها ... رأيت سهام القتل أولى وأقربا
أشابت شعوري ثم مني تنكرت ... ومنها مشيبي كان من زمن الصبا
شغفت بها حباً ومالي مأرب ... سواها ولا أرضى سوى الحب مأربا
ولم أنس مذ قالت دلالاً ومحنة ... أراك بدعواك الغرام مكذبا
وسهدي وسقمي وانتحالي وأدمعي ... شهود عدول رامت الصدق مركبا
وقالت بأني في الغرام سلوتها ... ولست أرى السلوان في الحب مذهبا
فلا عشت إن مر السلو بخاطري ... ولا أم إن كنت أسلو ولا أبا
وكيف ترى المشغوف يسلو حبيبه ... وهيهات يسلو الصب مهما تعذبا
وكان على سمعي حديث ملامها ... ألذ على المحرور من نسمة الصبا
وما أجمل التأنيب فيمن تحبه ... وما أعذب التعذيب فيه وأطربا
اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار الجزء : 1 صفحة : 1446