responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار    الجزء : 1  صفحة : 1445
الأهل والولد، وأخبرني بذلك لكي أستريح من كل هم ونكد، مع أنه مدة مكثي عنده ما قطع عني عطاءه، ولا منع عني يوماً حباءه، ولم يقيد حفظه الله إجراء هذا المعاش بمدة من الأيام، بل جعله من إحساناته المعتصمة بحبل الدوام، ثم إنه بعد أن رآني قد استرحت من لانصب، ونفضت ثوب السفر من غبار التعب، أخذ يطوف بي كل يوم في مكان، ويدخل بي إلى أمكنة لم يدخلها سوى أهل الرفعة والشان، ويجمعني بأكابر أعيانها، ويدخل بي أحسن رياضها وجنانها، ولم يبق مكان من أمكنتها أو سراي من سراياتها إلا وقد دخلته معه وقوبلت من أهله بالرحب والسعة، وقد أخذني حفظه الله وأعلا مقامه وعلاه، إلى مكان في البحر يقال له بيق اضا، ليس لداخله منه إلا السرور والرضى، فلا ريب أن ذلك المكان ما كأنه إلا قطعة من الجنان، تدرقت حواشيه وتأنق واشيه، فتنظمت عقوده وتنمنمت بروده، وراضته أكف المطر ودبجته أيدي الندى بأفانين الدرر، وأخرجت أرضه آثارها، وأبدت مخبآتها وأسرارها، والقيان في زينتها وزخارفها تتيه في وشيها ومطارفها، والولدان تزهو جمالاً، وتميل لطفاً ودلالاً، فلعمري إن ذلك المكان هو كالعين من الإنسان، قد تضوعت بالأرج الطيب أرجاؤه، وتبرجت في ظلل الغمام صحراؤه، وتنافجت بنوافج المسك أنواره، وتعارضت بغرائب النطق أطياره، وتنظمت بيوتها على طرز بديع، يزري بجمال الزهور في أيام الربيع، فجلسنا في ذلك المكان سحابة النهار، نشرح الصدر ونجلو الأبصار، وفي شهر ربيع الأول سنة سبع وثلاثمائة وألف أرسل حضرة مولانا السلطان أمير المؤمنين عبد الحميد خان لحضرة المترجم خبراً بالحضور، فتوجه إلى مكانه السامي المعمور، فحينما حضر لديه وتمثل في أعتابه بين يديه، أظهر له سروره وبشره وحبوره، وقال له قد عينتك عضواً في مجلس التفتيش العسكري الكائن في المابين،

اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار    الجزء : 1  صفحة : 1445
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست