اسم الکتاب : الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة المؤلف : آمنة محمد نصير الجزء : 1 صفحة : 240
وبوضع هذه الدلالة موضع التقدير تبين لنا حكمة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ دعا إلى الله على بصيرة من ربه، وكان من أبلغ وجوه حكمته وبصيرته صلى الله عليه وسلم رفضه تحديد ثمن دنيوي لمن يناصر دعوته ويمكنه من تبليغ رسالته، وهو الثمن الذي طالب به بنو عامر بن صعصعة لما قالوا له بلسان بيحرة بن فراس:"أرأيت إن نحن تابعناك على أمرك ثم أظهرك الله على من خالفك أيكون لنا الأمر من بعدك. قال: الأمر لله يضعه حيث يشاء. قال ابن فراس "أفنهدف نحورنا للعرب دونك فإذا ظهرت كان الأمر لغيرنا لا حاجة لنا بأمرك"1
هل كان ابن عبد الوهاب في ظروف تمكنه من التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم فيرفض ما اشترط علية ابن سعود من أن يكون الأمر له ولذريته مثلما رفض رسول الله طلب بني عامر بن صعصعة وعندئذ يفقد النصير القوي وفي نفس الوقت يتجنب الدخول في صراع مادي مرير، كان في جملته تعبيرا عن رفض القبائل المتنافسة للقبول بسلطة ابن سعود عليهم.
لقد ألمح بعض الباحثين إلى أنه كان في إمكان محمد بن عبد الوهاب يسير بالدعوة في إطار سلمي بالتزام قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [2]وأنه لو التزم بهذا المنهج لأجتمع له تلاميذ يبلغون عنه وينشرون دعوته بهذا الأسلوب الهادئ أسلوب الحكمة والموعظة الحسنة. ثم عاد هؤلاء الباحثون فنفوا هذا الإمكان بقولهم:"ولكن البيئة التي نبتت فيها هذه الدعوة، والثقافة التي تلقاها صاحب الدعوة جعلت الصراع المادي والاحتكام إلى القوه أمرا لا مفر منه"[3] فبيئة نجد غير بيئة الحجاز والأنصار أهل المدينة غير الأعراب سكان الدرعية ففي الحجاز على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت زعامة قريش غير منازعة ولا منكورة، كما كان الأنصار رضوان الله عليهم قد آووا ونصروا دون أن يرقبوا شيئا من غنيمة الدنيا. أما في نجد فصراع قبلي لا تدين فيه قبلية لقبيلة إلا تحت
(1) سيرة ابن هشام. ج2 ص 389 وأيضا الطبري. تاريخ الأمم والملوك. ج2 ص 232 [2] النحل:125 [3] عبد الكريم الخطيب. الدعوة الوهابية. ص 73.
اسم الکتاب : الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة المؤلف : آمنة محمد نصير الجزء : 1 صفحة : 240