اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 360
في الجمان: روي أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطت جارية لها صدقة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت لها: امضي إلى السوق بها وقولي من يقبل صدقة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن قبلها فأتني به فمضت الجارية إلى السوق وقالت: من يقبل صدقة بنت رسولا لله صلى الله عليه وسلم؟ فقال رجل مغربي: أنا موضع صدقة آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعطته الصدقة وقالت له: أجب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها نعم.
فلما بلغ الباب سألته: من أنت؟ فقال لها: أنا رجل مغربي. فقالت له: من أي المغرب؟ فقال: من البربر، فبكت فاطمة وقالت: قال لي والدي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لكل نبي حواري وحواري ذريتي البربر سيقتل الحسن والحسين ويفر أولادهما إلى المغرب فلا يأويهما إلا البربر فيا شؤم من فعل بهم ذلك وطوبى لمن أكرمهم وأعزهم) .
وعن علي عليه السلام قال: إن فاطمة بنت رسول الله صارت إلى قبر أبيها بعد موته ووقفت عليه وبكت، ثم أخذت من تراب القبر فجعلتها على عينها ووجهها، ثم أنشأت تقول:
ما على من شم تربة أحمد ... أن لا يشم مدى الزمان غواليا
صبت على مصائب لوانها ... صبت على الأيام عدن لياليا
ولها عليها السلام ترثي أباها صلى الله عليه وسلم:
أغبر آفاق السماء وكورت ... شمس النهار واظلم العصران
والأرض من بعد النبي كئيبة ... أسفا عليه كثيرة الأحزان
فليبكه شرق البلاد وغربها ... ولتبكه مضر وكل يمان
وليبكه الطود الأشم وجوه ... والبيت ذو الأستار والأركان
يا خاتم الرسل المبارك صنوه ... صلى عليك منزل القرآن
توفيت عليها السلام ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من شهر رمضان سنة إحدى عشرة للهجرة وهبي بنت ثمان وعشرين سنة ودفنت بالبقيع ليلا، وصلى عليها علي- عليه السلام - وقيل: صلى عليها ونزل في قبرها هو والفضل بن العباس. وقيل: لبثت فاطمة بعد وفاة النبي عليه السلام ثلاثة أشهر. وقال عروة بن الزبير وعائشة لبثت ستة أشهر. ومثله عن ابن شهاب الزهري وهو الصحيح.
روي أن عليا عليه السلام لما ماتت فاطمة وفرغ من جهازها ومن دفنها رجع إلى البيت فاستوحش فيه وجزع عليها جزعا شديدا ثم أنشأ يقول:
أرى علل الدنيا علي كثيرة ... وصاحبها حتى الممات عليل
لكل اجتماع من خليلين فرقة ... وكل الذي دون الفراق قليل
وإن افتقادي فاطما بعد أحمد ... دليل على أن لا يدوم خليل
وكان يزور قبرها في كل يوم فأقبل ذات يوم فانكب على القبر وبكى بكاء مرا وأنشأ يقول:
ما لي مررت على القبور مسلما ... قبر الحبيب فلم يرد جوابي
يا قبر ما لك لا تجيب مناديا ... أمللت بعدي خلة الأحباب
فأجابه هاتف يقول:
قال الحبيب وكيف لي بجوابكم ... وأنا رهين جنادل وتراب
اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 360