اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 359
عذاب القبر.
قال الزبير: انقرض ولد أسد بن هاشم إلا من ابنته فاطمة بنت أسد. وفاطمة هذه لها فضائل مشهورة ومآثر مشهورة ومآثر مشكورة مذكورة فيكتب التاريخ ولشهرتها وكثرة تداولها اكتفينا بذكر هذا اليسير منها.
فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم
ولدت فاطمة قبل ما تبني ريش الكعبة بخمس سنين وهي أصغر بناته صلى الله عليه وسلم وأمها خديجة بنت خويلد وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذ ذاك ابن خمس وثلاثين سنة.
وكان يحبها أكثر من كل أولاده الطاهرين وبناته الشريفات تزوجها علي بن أبي طالب عليهما السلام في شهر رمضان من السنة الثانية للهجر وبنى بها في ذي الحجة من السنة - المكورة-.
روي عن أنس أنه قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فغشيه الوحي، فلما أفاق قال: (يا أنس أتدري ما جاءني به جبريل عليه السلام من صاحب العرش عز وجل وعلا) . قلت: بأبي أنت وأمي ما جاءك به جبريل؟ قال: (قال لي: إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تزوج فاطمة من علي فانطلق وادع لي أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وبعدتهم من الأنصار) قال: فانطلقت فدعوتهم، فلما أخذوا مجالسهم قال صلى الله عليه وسلم: (الحمد لله المحمود بنعمته المعبود بقدرته المطاع بسلطانه المهروب إليه من عذابه النافذ أمره في أرضه وسمائه، الذي خلق الخلق بقدرته وميزهم بأحكامه أعزهم بدينه وأكرمهم بنبيه محمد، إن الله عز وجل جعل المصاهرة نساب لاحقا وأمرا مفترضا وحكما عادلا، وخيرا جامعا أوشج بها الأرحام، وألزمها الأنام. فقال الله عز وجل: (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا) (الفرقان: 54) . فأمر الله تعالى يجري إلى قضائه وقضاؤه يجري إلى قدره ولكل قضاء قدر ولكل قدر أجل ولكل أجل كتاب يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب.
ثم إن الله تعالى أمرني أن أزوج فاطمة من علي وأشهدكم أني زوجت فاطمة من علي على أربعمائة مثقال فضة إن رضي بذلك على السنة القائمة والفريضة الواجبة، فجمع الله شملهما وبارك لهما وأطاب نسلهما وجعل نسلهما مفاتيح الرحمة ومعادن الحكمة وأمن الأمة. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم) . قال: وكان علي عليه السلام غائبا في حاجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعثه فيها ثم أمر لنا بطبق فيه تمر فوضع بين أيدينا فقال: انتهبوا فبينما نحن كذلك إذ أقبل علي فتبسم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: (يا علي إن الله أمرني أن أزوجك فاطمة وإني زوجتكما على أربعمائة مثقال فضة) .
فقال علي: رضيت يا رسول، ثم عن عليا خر ساجدا شكرا لله.
فلما رفع رأسه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بارك الله لكما وعليكما وأسعد جدكما وأخرج منكما الكثير الطيب) .
قال أنس: والله لقد أخرج منهما الكثير الطيب.
وفي المسند عن عائشة قالت: أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشية النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مرحبا بابنتي) . ثم أجلسها عن يمينه وأسر لها حديثاً فبكت، فقلت: استخلصك رسول الله بحديثه ثم تبكين ثم أسر لها حديثا أيضا فضحكت.
فقلت: ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن، فسألتها عما قيل لها، فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى قبض صلى الله عليه وسلم.
فسألتها فقالت: أسر إلي (أن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل عام مرة وأنه عارضني به في هذا العام مرتين ولا أراه إلا قد حضر أجلي، وإنك أو أهل بيتي لحوقاً بي ونعم السلف أنا لك) . فبكيت، فقال: (ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة) .
فضحكت لذلك ولم تضحك فاطمة عليها لسلام بعد وفاة أبيها.
قال
اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 359