اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 317
فلم يسعني بأثقال الذنوب سوى ... ساحات غفران علام الخفيات
وقولها:
مرارة الصبر خصت بالحلاوات ... وجدت في مرها حلوى السلامات
صيانتي في كهوف الصبر أنفع لي ... من حصن كسرى ومن أعماق أغمات
كم بات دهري يريني نهج تربيتي ... فينئني بقبولي وامتثالاتي
وما احتجابي عن عيب أتيت به ... وإنما الصون من شأني وغاياتي
وكلما شب دهري في معاندتي ... لم يلق مني له إلا الإطاعات
وكلما آدني ظلما بمثقلة ... عدلت سيري كما يرضى بمرضاتي
كم قابلتني ليال ريحها سعر ... بطيئة السير ترمي بالشرارات
لاقيتها بجميل الصبر من جلدي ... وبت أسقي الثرى من غيث عبراتي
كم أقعدتني أيام بصدمتها ... وقمت بالعزم مشهور العنايات
وكم حليفة سعد إذ تعنفني ... تقول سعيك مذموم النهايات
فأخفض الطرف من حزن أكابده ... وأهمل الدمع من تلك المقالات
وكم شكرت بأرض الظلم ناصيتي ... فقمت من سجدتي أتلو تحياتي
وما منحت بيوم قد أتى غلطا ... بالأنس إلا وقامت فيه غاراتي
ومذ أتت عذلى تبغي مصادرتي ... ظلما منحتهم أسنى الكرامات
وكلما عددوا ذنبا رميت لبه ... بسطت للعفو راحات اعترافاتي
وكلما حرروا منشور مظلمتي ... وأثبتوا في الورى ظلما جناياتي
أظهرت شكري لهم بالرغم عن أسفي ... وكان ما كان من فرط التهاباتي
ولم أفه لذوي ود لمعرفتي ... أن الحبيب حبيب في المسرات
أقوم والضيم تطويني نوائبه ... طي السجل ولم أسمعه أناتي
أخفي الأسى إن حسود جاء يسألني ... لأين يسعى وأومى لابتهاجاتي
إن ضل سعي فهادي الصبر يرشدني ... إلى طريق رشادي واستقاماتي
ولم أزل أشتكي بنى ومظلمتي ... لعالم الجهر مني والخفيات
علت ولاة الصفا أشهى نجائبها ... لتقضي الفوز من وادي المودات
وبت باليأس في بطحاء متربتي ... وكان شغلي بضحى دق راحاتي
أقول للصبر لا عتب على زمن ... أعطى لأبنائه أسمى العطيات
فقال مهلا ولا تغررك شوكتهم ... فالصحو يعقبه سود الغمامات
فليس كل ملوم دام مكتئبا ... وما السعيد سعيد للملاقاة
فدهرهم غرهم جهلا وما علموا ... أن الزمان قريب الالتفاتات
فما توارت بغاة الغم من أسفي ... حتى أناخوا بأجبال النكايات
اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 317