responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز    الجزء : 1  صفحة : 289
وسلبتنا ما لست مخلفه ... يا دهر ما أنصفت في الحكم
لو كان لي قرن أناضله ... ما طاش عند حفيظة سهمي
لو كان يعطي النصف قلت له ... أحرزت سهمك فاله عن سهمي
فقالت: نعطيك النصف ولا نضيع سهمك عندنا ونجزل لك قسمك وأمرت له بخمسة آلاف درهم، وثياب عدنية وغير ذلك من الألطاف قال: وأتيت الحارث بن خالد فأخبرته وقصصت عليه القصة فأمر لي بمثل ما أمرتا لي به جميعا، فأتيت ابن أبي ربيعة وأعلمته بما جرى فأمر لي بمثل ذلك، فما انصرف أحد من ذلك الموسم بمثل ما انصرفت بنظرة من عائشة ونظرة من عاتكة بنت يزيد وهما أجمل نساء عالمهما وبما أمرتا لي وبالمنزلة عند الحارث وهو أمير مكة وابن ربيعة وما أجازاني به جميعا من المال.
وقد قدم قادم غلى المدينة من مكة، فدخل على عائشة بنت طلحة فقالت له: من أين أقبل الرجل؟ قال: من مكة. فقالت: فما فعل الأعرابي فلم يفهم ما أرادت، فلما عاد إلى مكة دخل على الحارث فقال له: من أين؟ قال: من المدينة. قال: فهل دخلت على عائشة بنت طلحة؟ قال: نعم، قال: ففي ماذا سألتك؟ قال: قالت لي: ما فعل الأعرابي قال له الحارث: فعد إليها ولك هذه الرحلة والحلة، ونفقتك لطريقك وادفع إليها هذه الرقعة وكتب إليها فيها:
من كان يسأل عنا أين منزلنا ... فالأقحوانة منا منزل قمن
إذ نلبس العيش صفوا ما يكدره ... طعن الوشاة ولا ينبو بنا الزمن
ليت الهوى لم يقربني إليك ولم ... أعرفك إذا كان حظي منكم الحزن
ولقي عمر بن أبي ربيعة عائشة بمكة وعي تسير على بغلة لها فقال لها: قفي حتى أسمعك ما قلت فيك. قالت: أوقد قلت يا فاسق؟ قال: نعم، فوقفت، فأنشدها:
يا ربة البغلة الشهباء هل لك في ... أن تشتري ميتا لا ترهبي حرجا
قالت بدائك مت أو عش تعالجه ... فما ترى لك فيما عندنا خرجا
قد كنت حملتنا غيظا نعالجه ... فإن بعدنا فقد عنيتنا حججا
حتى لو أستطيع مما قد فعلت بنا ... أكلت لحمك من غي وما نضجا
فقلت لا والذي حج الحجيج له ... ما مج حبك من قلبي ولا نهجا
ولا رأى القلب من شيء يسر به ... مذ بان منزلكم منا ولا ثلجا
ضنت بنائلها عنه فقد تركت ... في غير ذنب أبا الخطاب مختلجا
فقالت: لا ورب الكعبة ما عنينا طرفة عين قط، ثم أطلقت عنان بغلتها وسارت ولم تزل تداريه وترفق به خوفا من أن يتعرض لها حتى قضت حجها وانصرفت إلى المدينة فقال في ذلك:
إن من تهوى مع الفجر ظعن ... للهوى والقلب متباع الوطن
بانت الشمس وكانت كلما ... ذكرت للقلب عادوت الدرن
يا أبا الحارث قلبي طائر ... فأتمر أمر رشيد مؤتمن
نظرت عيني إليها نظرة ... تركت قلبي إليها مرتهن
ليس حب فوق ما أحببتها ... غير أن أقتل نفسي أو أجن

اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز    الجزء : 1  صفحة : 289
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست