responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز    الجزء : 1  صفحة : 288
عليك أذنت وكان الرسول الغريض فقالت له: إنا حرم فإذا أحللنا أذناك، فلما حلت سرت على بغلاتها ولحقها الغريض بعسفان ومعه كتاب الحارث إليها وفيه قوله:
ما ضركم لو قلتم سددا ... إن المطايا عاجل غدها
لها علينا نعمة سلفت ... لسنا على الأيام نجحدها
لو تممت أسباب نعمتها ... تمت بذاك عندنا يدها
فل ما قرأت الكتاب قالت ما يدع الحارث باطله، ثم قالت للغريض هل أحدثت شيئا؟ قال: نعم، فاسمعي، ثم اندفع في هذا الشعر. فقال عائشة: والله ما قلنا إلا سددا، ولا أردنا إلا أن نشتري لسانه، وأتى على الشعر كله فاستحسنه وأمرت له بخمسة آلاف درهم وأثواب. وقالت زدني فغناها في قول الحارث بن خالد أيضا:
زعموا بأن البين بعد غد ... فالقلب مما أحدثوا يجف
والعين منذ أجد بينهم ... مثل الجمان دموعها تكف
ومقالها ودموعها سجم ... أقلل حنينك حين تنصرف
تشكو ونشكو ما أشت بنا ... كل بوشك البين معترف
فقالت له عائشة: يا عريض بحقي عليك أهو أمرك أن تغنين في هذا الشعر؟ فقال: لا وحياتك يا سيدتي. فأمرت له بخمسة آلاف درهم ثم قالت له: غنني في شعر غيره، فغناها في قول ابن أبي ربيعة:
أجمعت خلتي مع الضجر بينا ... جلل الله ذلك الوجه زينا
أجمعت بينها ولم تك منها ... لذة العيش والشباب قضينا
فتلوت حمولها واستقلت ... لم تنل طائلا ولم تقض دينا
ولقد قلت يوم مكة لما ... أرسلت تقرأ السلام علينا
أنعم الله بالرسول الذي أر ... سل والمرسل الرسالة عينا
فضحكت ثم قالت: وأنت يا غريض فأنعم الله بك عينا، وأنعم بابن أبي ربيعة عينا لقد تلطفت حتى أديت إلينا الرسالة وإن وفاءك له لما يزيدنا رغبة فيك وثقة بك، وقد كان عمر سأل من الغريض أن يغنيها هذا الصوت وقال له عمران: أبلغتها هذه في غناء، فلك خمسة آلاف درهم فوفى له بذلك وأمرت عائشة بخمسة آلاف درهم أخرى.
قم انصرف الغريض من عندها فلقي عاتكة بنت يزيد بن معاوية زوجة عبد الملك بن مروان وكانت قد حجت في تلك السنة فقال لها جواريها: هذا الغريض. قالت لهن: علي به. فجيء به إليها. قال الغريض: فلما سلمت دخلت فردت علي وسألتني عن الخبر، فأقصصته عليها قالت: غنني به ففعلت فلم أرها تهش لذلك فغنيتها معترضا ولها مذكرا بنفسي في شعر مرة بن محكان السعدي يخاطب امرأته، وقد نزل به أضياف:
أقول والضيف مخشي ذمامته ... على الكريم وحق الضيف قد وجبا
يا ربة البيت قومي غير صاغرة ... ضمي إليك رحال القوم والضربا
في ليلة في جمادى ذات أندية ... لا يبصر الكلب من ظلمائها الطنبا
لا ينبح الكلب فيها غير واحدة ... حتى تلف على خيشومه الذنبا
قال: فقالت وهي مبتسمة قد وجب حقك يا غريض فغنني فغنيتها:
يا دهر قد أكثرت فجعتنا ... بسراتنا ووقرت في العظم

اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز    الجزء : 1  صفحة : 288
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست