اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 129
فلم يجد عند طيفي طيفها فرجاً ... ولا رثى لتشكيه ولا لانا
حسبت أن خيالي لا يكون لما ... أكون من أجله غضبان غضبانا
جنان لا تسأليني الصلح سرعة ذا ... فلم يكن هيناً منك الذي كانا
ومن قوله:
أما يغني حديثك عن جنان ... ولا تبقى على هذا اللسان
أكل الدهر قلت لها وقالت ... فكم هذا أما هذا بفان
جعلت الناس كلهم سواء ... إذا حدثت عنها في البيان
عدوك كالصديق وذا كهذا ... سواء وإلا باعد كالأداني
إذا حدثت عن شأن توالت ... عجائبه أتيتهم بشأن
فلو موهت عنها باسم أخرى ... علمنا إذ كنيت من أنت عاني
ومن ظريف ما كتبه إليها قوله:
أكثري المحو في كتابك وامحيه ... إذا ما محوته باللسان
وامرري بالمحاء بين ثاناياك ... العذاب المفلجات الحسان
إنني كلما مررت بسطر ... فيه محو لطعته بلساني
تلك تقبيلة لكم من بعيد ... أهديت لي وما برحت مكاني
ورآها يوماً في مأتم سيدها تندبه باكية وهي مخضبة فقال مرتجلاً:
يا قمراً أبرزه مأتم ... بندب شجواً بين أتراب
يبكي فيذرى الدر من نرجس ... ويلطم الورد بعناب
لا تبكي ميتاً حل في حفرة ... وابكي قتيلاً لك بالباب
أبرزه المأتم لي كارهاً ... برغم دايات وحجاب
لازال موتاً دأب أحبابه ... ولا تزل رؤيته دأبي
ودخل على أبي نواس بعض أصحابه يعودونه وهو مريض، فوجدوا به خفة قالوا: فانبسط معنا فقال: من أين جئتم؟ فقلنا من عند جنان. فقال: أو كانت عليلة؟ قلنا: نعم، وقد عوفيت الآ. فقال: والله أنكرت علتي هذه ولم أعرف لها سبباً غير أني توهمت أن ذلك لعلة نالت بعض من أحب ولقد وجدت في يومي هذا راحة ففرحت طمعاً أن يكون الله عافاه منها قبلي ثم دعا بدواة وكتب إلى جنان:
إن حممت ولم أشعر بحماك ... حتى تحدث عوادي بشكواك
فقلت ما كانت الحمى لتطرقني ... من غير ما سبب إلا بحماك
وخصلة قمت فيها غير متهم ... عافاني الله منها حين عافاك
حتى إذا انقضت نفسي ونفسك في ... هذا وذاك وفي هذي وفي ذاك
وقيل: إن أبا نواس حاول مراراً أن يتزوج بها ولم ينل ذلك، وتوفي قبلها وبقيت هي في منزل سيدها معززة مكرمة إلى أن ماتت بعد أبي نواس بمدة قليلة. ويقال: إن سبب وفاتها حزنها على أبي نواس لكونها لم تتصل به.
اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 129