اسم الکتاب : تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء المؤلف : الصابئ، هلال بن المحسن الجزء : 1 صفحة : 131
ابن الفرات: قررت رأيك على ابن المعتز؟ قال: هو أكبر من يوجد. قال: وأي شيء تعمل برجل فاضل متأدب قد تحنك وتدرب وعرف الأعمال ومعاملات السواد وموقع الرعية في الأموال، وخبر المكاييل والأوزان وأسعار المأكولات والمستعملات، ومجاري الأمور والمتصرفات، وحاسب وكلاءه على ما تولوه، وضايقهم وناقشهم، وعرف من خياناتهم واقتطاعاتهم أسباب الخيانة والاقتطاع التي يدخل فيها غيرهم، فكيف يتم لنا معه أمر إن حمل كبيراً على صغير، وقاس جليلاً على دقيق؟! هذا لو كان ما بيننا وبينه عامراً وكان صدره علينا من الغيظ خالياً، فكيف وأنت تعرف رأيه؟ قال العباس: وأي شيء في نفسه علينا؟ قال: أنسيت أنه منذ ثلاثين سنة يكاتبك في حوائجه فلا تقضيها، ويسألك في معاملاته فلا تمضيها، وعمالك يصفعون وكلاءه فلا تنكر، ويتوسل في الوصول إليك ليلاً فلا تأذن، وكم رقعة جاءتك بنظم ونثر فلم تعبأ بها ولا أجبته إلى مراده فيها. وكم قد جاءني منه ما هذه سبيله فلم أُراع فيه وصولاً إلى ما يريد إيصاله إليه. وهل كان له شغل عند مقامه في منزله وخلوته بنفسه إلا معرفة أحوالنا والمسألة عن ضياعنا وارتفاعنا وحسدنا على نعمتنا؟ هذا وهو يعتقد أن الأمر كان له ولأبيه وجده، وأنه مظلوم منذ قتل أبوه، مهضوم مقصود مضغوط، فكيف يجوز أن نسلم إليه نفوسنا فنتحرس، فضلاً عن أموالنا؟ فقال العباس: صدقت والله يا أبا الحسن، فمن يقلد وليس ها هنا أحد؟! قال: تقلد جعفر بن المعتضد، فإنه صبي لا يدري أين هو، وعامة سروره أن يصرف من المكتب، فكيف أن يجعل خليفة ويملك الأعمال والأموال وتدبير النواحي
اسم الکتاب : تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء المؤلف : الصابئ، هلال بن المحسن الجزء : 1 صفحة : 131