اسم الکتاب : تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء المؤلف : الصابئ، هلال بن المحسن الجزء : 1 صفحة : 130
ونكبتي، وما أعتقده فيه أكثر مما تضمنه الكتاب من وصف ما عندي له. فأحسن تفقده، ووفره رفده، وصرفه فيما يعود عليه نفعه، وتصل إليه فوائده. ورده إلى أبي زنبور من يومه. فلما مضت مدة طويلة دخل على أبي الحسن بن الفرات رجل ذو هيئة وبزة جميلة، وأقبل يدعو له ويثني عليه ويبكي ويقبل الأرض بين يديه، فقال ابن الفرات: من أنت بارك الله عليك؟ وكانت هذه كلمته. قال: صاحب الكتاب المزور إلى أبي زنبور الذي صححه كرم الوزير وتفضله، صنع الله به وصنع. فضحك ابن الفرات وقال له: كم وصل إليك منه؟ قال: أوصل إلي من ماله وتقسيط قسطه وعمل صرفني فيه عشرين ألف دينار. فقال ابن الفرات: الحمد لله، الزمنا فإنا نعرضك لما يزداد به صلاح حالك. ثم اختبره وامتحنه فوجده كاتباً سديداً. فاستخدمه وأكسبه مالاً جزيلاً.
وحدث أبو علي التنوخي قال: حدثني أبو محمد الحسن بن محمد الصلحي الكاتب قال: حدثني غير واحد من كتاب الحضرة أن أبا أحمد العباس بن الحسن لما مات المكتفي بالله جمع كتابه وخواصه وخلا بهم وشاورهم فيمن يقلده الخلافة. فأجمعوا وأشاروا على العباس بعبد الله بن المعتز إلا أبا الحسن بن الفرات فإنه أمسك. فقال له العباس: لم أمسكت ولم تورد ما عندك؟ فقال: هو أيها الوزير موضع إمساك. قال: ولم؟ قال: إنه وجب أن ينفرد الوزير أعزه الله بكل واحد منا فيعرف رأيه وما عنده. ثم يجمع الآراء ويختار منها بصائب فكره وثاقب نظره ما شاء. فأما أن يقول كل واحد رأيه بحضرة الباقين فربما كان عنده ما يسلك سبيل التقية في كتمانه وطيه. قال: صدقت والله، قم معي، فأخذ يده ودخلا وتركا الباقين بمكانهم. فقال له
اسم الکتاب : تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء المؤلف : الصابئ، هلال بن المحسن الجزء : 1 صفحة : 130