اسم الکتاب : تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء المؤلف : الصابئ، هلال بن المحسن الجزء : 1 صفحة : 132
والرجال؟ ويكون الخليفة بالاسم وأنت هو على الحقيقة، وإلى أن يكبر قد انغرست محبتك في صدره، وحصلت محصل المعتضد في نفسه. قال: فكيف يجوز أن يبايع الناس صبياً أو يقيموه إماماً؟ فقال له: أما الجواز، فمتى اعتقدت أنت أو نحن إمامة البالغين من هؤلاء القوم؟! وأما إجابة الناس، فمتى فعل السلطان شيئاً فعورض فيه، أو أراد أمراً فوقف؟ وأكثر من ترى صنائع المعتضد، وإذا أظهرت أنك اعتمدت في ذلك مراعاة حقه، واقرار الأمر في ولده، وفرقت المال، وأطلقت البيعة، وقع الرضا، وسقط الخلاف. وطريق ما تريده أن تواقف بعض أكابر القواد وعقلاء الخدم على المضي إلى دار ابن طاهر وحمله إلى دار الخلافة، وأن تستر الأمر إلى أن يتم التدبير، وإن اعتاص معتاص مد بالعطاء والإحسان. فقال العباس: هذا هو الرأي. واستدعى في الحال مؤنساً مولى المعتضد، وأورد عليه ما ذهب فيه إلى الجنس الذي أشار به أبو الحسن في الوفاء للمعتضد، ورعاية ما كان منه في اصطناع الجماعة، ورسم له قصد دار ابن طاهر، وحمل جعفر إلى دار الخلافة والسلام عليه بها. ففعل، وماج الجند ففرق فيهم مال البيعة، ودخل عليهم من طريق الوفاء للمعتضد وتم التدبير. فلما زال أمر العباس، وكان من قتله ما كان، وانتظمت الأمور بعد قتل ابن المعتز، وتقلد أبو الحسن الوزارة، صارت ثمرة هذا الرأي له، وكان يقف بين يدي المقتدر بالله وهو صبي قاعد على السرير، فيخاطب الناس والجيش عنه. فإذا انصرفوا أمرت السيدة بأن يعدل بأبي الحسن إلى حجرة، فيجلس فيها، ويخرج المقتدر فيقوم إليه فيقبل يده ورأسه، ثم يقعد ويقعده في حجره كما يفعل الناس بأولادهم. وتقول له السيدة من وراء الباب: هذا يا أبا الحسن ولدك، وأنت قلدته
اسم الکتاب : تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء المؤلف : الصابئ، هلال بن المحسن الجزء : 1 صفحة : 132