responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ ابن خلدون المؤلف : ابن خلدون    الجزء : 1  صفحة : 529
وإفريقية من لدن الدّولة اللّمتونيّة إلى هذا العهد. وشاركوا أهل العمران بما لديهم من الصّنائع وتعلّقوا بأذيال الدّولة فغلب خطّهم على الخطّ الإفريقيّ وعفى عليه ونسي خطّ القيروان والمهديّة بنسيان عوائدهما وصنائعهما. وصارت خطوط أهل إفريقية كلّها على الرّسم الأندلسيّ بتونس وما إليها لتوفّر أهل الأندلس بها عند الحالية من شرق الأندلس. وبقي منه رسم ببلاد الجريد الّذين لم يخالطوا كتّاب الأندلس ولا تمرّسوا بجوارهم. إنّما كانوا يغدون على دار الملك بتونس فصار خطّ أهل إفريقية من أحسن خطوط أهل الأندلس حتّى إذا تقلّص ظلّ الدّولة الموحّديّة بعض الشّيء وتراجع أمر الحضارة والتّرف بتراجع العمران نقص حينئذ حال الخطّ وفسدت رسومه وجهل فيه وجه التّعليم بفساد الحضارة وتناقص العمران. وبقيت فيه آثار الخطّ الأندلسيّ تشهد بما كان لهم من ذلك لما قدّمناه من أنّ الصّنائع إذا رسخت بالحضارة فيعسر محوها وحصل في دولة بني مرين من بعد ذلك بالمغرب الأقصى لون من الخطّ الأندلسيّ لقرب جرارهم وسقوط من خرج منهم إلى فاس قريبا واستعمالهم إيّاهم سائر الدّولة. ونسي عهد الخطّ فيما بعد عن سدّة الملك وداره. كأنّه لم يعرف. فصارت الخطوط بإفريقيّة والمغربيّين مائلة إلى الرّداءة بعيدة عن الجودة وصارت الكتب إذا انتسخت فلا فائدة تحصل لمتصفّحها منها إلّا العناء والمشقّة لكثرة ما يقع فيها من الفساد والتّصحيف وتغيير الأشكال الخطّيّة عن الجودة حتّى لا تكاد تقرأ إلّا بعد عسر ووقع فيه ما وقع في سائر الصّنائع بنقص الحضارة وفساد الدّول والله يحكم لا معقّب لحكمه.
وللأستاذ أبي الحسن عليّ بن هلال الكاتب البغداديّ الشّهير بابن البوّاب قصيدة من بحر البسيط [1] على رويّ الرّاء يذكر فيها صناعة الخطّ وقواعدها من أحسن ما كتب في ذلك. رأيت إثباتها في هذا الكتاب من هذا الباب لينتفع بها من يريد تعلّم هذه الصّناعة. وأوّلها:

[1] هذه القصيدة من بحر الكامل وليس من بحر البسيط.
اسم الکتاب : تاريخ ابن خلدون المؤلف : ابن خلدون    الجزء : 1  صفحة : 529
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست