responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 61
طائفة من أرباب الدلتا ورباتها بأوزير وقصته، لا سيما رابطة الأخوة والزواج بينه وبين المعبودة إيسة "إيزيس"، وهو ربط يدل على التقارب بين مواطن عبادتهم وبين جدو مدينته في عهد توفر لها فيه من السلطان السياسي ما دفع غيرها إلى التودد إليها والارتباط بها.
وذهب كورت زيته في تصوير ممهدات المرحلة الخامسة إلى أن دولة الوجه البحري لم تكتف بانتصارها على الصعيد وإنما بسطت سلطانها عليه لبعض الوقت. ولكن الصعيد ثار عليها وانسلخ عنها وقلب الآية عليها فانتصر عليها وأضعفها، وتعصب لمعبوده ست أكثر مما كان يتعصب له من قبل. وليس من دليل يؤكد هذه المرحلة الخامسة هي الأخرى غير ما ذكرته القصة الأوزيرية عن نقمة أخيه ست "رب نوبت" عليه وعمله على إقصائه عن ولاية البلاد والعباد، وقتله إياه.
وفي المرحلة السادسة سعت مملكة الشمال إلى توحيد مصر تحت لوائها مرة أخرى، ونجحت في مساعها، ولكن حكامها لم يتخذوا عاصمتهم هذه المرة في شرق الدلتا أو في غربها، وإنما اتخذوها في مدينة تتوسط بين نهاية الدلتا وبين نهاية الصعيد، وهي مدينة أونو "عين شمس وما يمتد منها إلى المطرية"، وظلوا أوفياء فيها لأوزير ربهم القديم، إلى جانب اعترافهم بربها المحلي أتوم ثم برب آخر أصبح أكثر شهرة منهما وهو رع رب الشمس.
ونسب إلى فلاسفة هذه المدينة الخروج بأقدم مذهب ديني لتفسير نشأة الوجود. وقد مر هذا المذهب بتطورات فكرية كثيرة، وبدا بصورة مادية ثم مال إلى المعنويات شيئًا فشيئًا، ولم يسجله المصريون كتابة إلى بعد تأليفه بقرون طويلة، وفي إحدى صوره رد أصحابه عناصر الكون وأسباب عمرانه إلى تسعة أرباب. وتخيلوا في بداية الأمر محيطًا مائيًّا أوليًّا لا حس فيه ولا حياة، وأطلقوا عليه اسم نون. ومن هذا المحيط ظهر الإله أتوم الذي أوجد نفسه بنفسه وعاش فريدًا أمدًا بعيدًا حتى ذرأ من نفسه عنصرين ذكرًا وأنثى، وهما شو روح الهواء والفضاء والنور، وتفنوت روح الرطوبة والندى. وتولد عن اجتماع هذين العنصرين القدسيين، ذكر وأنثى آخران، وهما: جب رب الأرض ونوت ربة السماء، وظل هذان متصلين حتى أذن ربهما بانفصالهما، فرفع شو السماء بربتها إلى أعلى عليين وملأ ما بينها وبين الأرض وربها بنوره وأنفاسه، ولكن بعد أن تولد عن روحي الأرض والسماء في فترة اتصالهما أربعة أبناء، ذكران وأنثيان: أوزيروست، وإيسة ونبت حت "أو على حد التعبير الشائع أوزيريس وست، وإيزيس ونفتيس". وأصبح هؤلاء الأربعة يمثلون الرعيل الأول الذي جمع بين الألوهية وبين البشرية وبدأ به عمران الكون، كما تم بهم كيان تاسوع عين شمس الأكبر.
ولم يجد أغلب المؤرخين بأسًا في أن يقربوا بين عهد هذه الوحدة الجديدة، وبين عهد نقادة الثاني الذي نشأت حضارته في الوجه البحري ثم زحف أصحابها بها إلى الصعيد وصبغوا حضارته بصبغتها وتطوروا بها في رحابه. ولكن يبدو أن أمور دولة عين شمس لم تسر هينة دائمًا، ولم تسلم من منازعات قامت في مدينة عين شمس نفسها. وروت الأساطير عن هذه المنازعات بأسلوبها الخاص، فزعمت أن قتالًا دار بين الإله رع

اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 61
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست