responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 62
وبين أحد أعدائه قرب شجرة مقدسة فيها، وأن عدوه تنكر له في هيئة أفعوان فاتك، فتنكر له هو الآخر على هيئة قط نافر وفتك به. ويحتمل من هذا التصوير الرمزي أن أتباع الشمس كانت لهم موقعة فاصلة مع أعدائهم قرب شجرة مقدسة، فلما كتب النصر لهم وقتل زعيم أعدائهم تحت الشجرة، ردوا ذلك إلى تأييد ربهم واشتراكه معهم على صورة خفية لا تمت إلى صورة البشر في قليل أو كثير[1]. وصورت الأساطير وجوه نزاع أخرى حدثت بين أرباب عين شمس وبين أرباب منطقة الأشمويين في مصر الوسطى[2]، وكان لا بد لأمثال هذه المنازعات أن تؤدي إلى نهاية، وقد أدت إلى غير ما أراده حكام الدولة المتحدة، فتفتتت وحدتهم وزال ملكهم.
ويفهم من متون الأهرام أن ضياع نفوذ زعماء الوجه البحري لم يكن بغير رد فعل في الدلتا، وترتب عليه أن اتحد حلفاء أوزير القدامى، أتباع الأرباب المتصلين به، وابتغوا القصاص لمقتله وتمزيقه على حد قول الأساطير، وبمعنى آخر ابتغوا القصاص لضياع نفوذهم القديم وتمزيق وحدة دولتهم. فجعلوا زعامتهم الدينية والرمزية للمعبود حور "حورس" الذي قامت عبادته قرب مدينة دسوق، وأعلنوه ولدًا روحيًّا لأوزير من زوجته إيسة، وأطلقوا عليه لقب المدافع عن أبيه أو المنتقم لأبيه. وبدءوا جهودهم لتنفيذ رغبة القصاص وتوحيد البلاد تحت زعامتهم، وطالت المواقع بينهم وبين أتباع ست رب الصعيد، وظل النصر دولة بين هؤلاء وهؤلاء، ويبدو أن كلًّا منهما أضر بالآخر ضررًا بليغًا[3]. ولكن لم ينته النزاع بينهما إلى نتيجة حاسمة، وهنا تدخل بينهما زعماء الأشمونيين أتباع المعبود تحوتى، وكانوا قد اتخذوا موقفًا مائعًا في النزاع، فتوسطوا ونجحوا في عقد هدنة بينهما. وشجعت الهدنة أنصار حور على عرض الأمر كله على حكماء البلاد، أو أرباب البلاد كما روت الأساطير، فبرأ الأرباب الحكماء أوزير من تهمة العدوان، وتشجع أنصار ولده حور بهذا الحكم فعاودوا العمل على نشر نفوذهم. بيد أنهم اكتفوا في هذه المرة بنشر نفوذهم الديني ونجحوا إلى حد ما في مسعاهم فأصبحت هيئة الصقر رمز ربهم علمًا على أرباب مدن كثيرة في الدلتا وفي الصعيد أيضًا[4]، ولكن هذا لم ينفعهم سياسيًّا، وظل زعماء الصعيد يصرون على استقلالهم فيه.
وعادت مصر بهذا الوضع مملكتين: مملكة في الشمال استقر حكامها في مدينة "به" التي قامت على أنقاضها قرية إبطو أوتل الفراعين قرب دسوق، واحتفظ ملوكها بميراث مملكة غرب الدلتا القديمة التي قامت عاصمتها في مدينة ساو، فتتوجوا بتاجها الأحمر وانتسبوا إلى رمزها المصور على هيئة النحلة، وتلقب كل منهم بلقب

[1] راجع بعد العزيز صالح: التاريخ في مصر القديمة "مفهوم – عناصره – وبواعث القومية فيه" – القاهرة 1957 – ص8 - 10، "قصة الدين في مصر القديمة" – المجلة العدد 23 – نوفمبر 1958 – ص51.
[2] See, Grapow, Religiose Urkunden, 1951. 6f.; Plyte And Rossi, Pap. Turin 118, 11; H. Kess, Zaes, Lxxviii. 41 F.; Anthes, Felsinschiften, 23, 7; 24, 10 F.
وانظر عن احتمال فتنة أخرى في قفط: Massoulard, Pretohistoire Et Protohistoire D'egype, Paris, 1949, 434.
[3] Pyr. 1463, 141 D.
[4] مثل نخن وإدفو وأرمنت وقوص وقفط وقاو الكبير وبني حسن والعطاولة ... "انظر حضارة مصر القديمة وآثارها – جـ1 – ص207 - 208".
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 62
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست