اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 60
وتمت الخطوة السياسية الثانية فيما يرجح حتى الآن باتحاد مملكتي الدلتا في مملكة واحدة اتخذ حكامها عاصمتهم في مدينة ساو، أو سايس، التي قامت على أطلالها صا الحجر على فرع رشيد في غرب الدلتا. واعتبروا المعبودة نيت حامية لهم، وهي معبودة رمزوا إليها بسهمين متقاطعين حينًا، وقوسين متشابكين حينًا وجعبة سهام حينًا آخر، باعتبارها من رعاة الحرب، كما اتخذوا هيئة النحلة "بيت" شعارًا لدولتهم سواء للتشبه بما تتميز به من نشاط متصل وإنتاج مستحب بصورتها أو بلفظها، وتتوجوا بتاج أحمر.
وقامت خطوة ثالثة في الصعيد لعلها كانت معاصرة للخطوة الثانية في الدلتا، فاجتمع شمل أكبر أقاليم الصعيد تحت زعامة مدينة نوبت في منطقة قنا، واعترف الصعيد بزعامة ربها "ست" الذي رمز أصحابه إليه بصورة حيوان أسطوري[1]، واعتبروها من أرباب السماء والأمطار ووصفوه بأنه يهز الأرض هزًّا ويرسل العواصف وله صريخ في السماء كأنه الرعد[2]. وازدهرت حضارة نقادة الأولى في ظل مملكة نوبت الناهضة ودل على عمرانها النسبي ورخائها النسبي كثرة مقابرها التي تدل بالتالي على كثرة أهلها، ورقي أذواق الأدوات التي وجدت فيها. واتصلت أسباب التبادل التجاري بين المملكتين، مملكة الصعيد ومملكة الدلتا، ودل عليها وجود أدوات تجمع بين خصائص حضارتيهما في نقادة.
وفي المرحلة الرابعة انتقلت عاصمة الوجه البحري من غرب الدلتا إلى شرقها أي من مدينة ساو إلى مدينة عنجة القديمة التي سميت بعد ذلك باسم جدو، واعترف حكامها بزعامة أوزير "أوزيريس" الذي خلعوا عليه ألقاب عنجتي وبعض صفاته، وقدسوه أكثر منه في مدينته. وترتب على ذاك أن نسبت المدينة إليه في العصور التاريخية وسميت برأوزير، وقامت على أطلالها واحتفظت باسمها بلدة أبو صير بنا الحالية. وحاول من أسلفناهم من الباحثين أن يفسروا خطوة انتقال عاصمة الوجه البحري من غرب الدلتا إلى شرقها فافترضوا قيام نوع من التنافس بين مملكتي الصعيد والدلتا، وأن هذا التنافس تطور إلى نزاع حربي، وأن الحرب انتهت بغلبة الوجه البحري على الصعيد، وأن حكام الدلتا نقلوا عاصمتهم بعد النصر إلى شرق الدلتا تحت زعامة أزير وسلطانه.
والواقع أنه ليس ما يزكي صحة هذه الخطوة الرابعة، غير قرائن نظرية وأسطورية، وهي: ما ذكرته القصة الأوزيرية في عصورها التاريخية من أن أوزير كان أول من ولي عرش مصر من البشر المؤلهين، وتصويره في صوره وتماثيله على هيئة ملك متوج بتاج مزدوج يجمع بين تاج الصعيد وبين الريشتين اللتين ورثهما عن عنجتي رب مدينة عنجة بالوجه البحري، ثم ما أكدته الأساطير ونصوص الدين من الربط بين [1] Zaes, Xlvi 90, L, 84; Lxi, 18; P.S.B.A., Xxviii, 123; Sethe, Op. Cit., 86 F.; Ayrton, Mahasna, Pls. Xii, 2, Xvii, 2; Vandien, Religion, 27.
وعن زعامته للصعيد وعلو مكانته وعن انتشار عبادته في أربع مدن أو خمس بالصعيد والواحات فضلًا عن نوبت:
See Pyr. 203 B, 204, 270b; Gurdiner, Onomastica, Ii, 31, 110-111, 116. [2] Pyr. 581, 1855, 208, 115c; Pap. Sall. Iv, 13, 5; Book Of The Dead, Xxxix, 14-15; Rhind Math. Pap., No. 87 B.
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 60