اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 340
الفصل الثاني عشر: من الأدب المصري القديم أولا: في أدب الأسطورة والملحمة
أسطورة أوزير وتوابعها
...
الفصل الثاني عشر: من الأدب المصري القديم
سجلت الآداب المصرية على صفحات البردي واللخاف، بخطوطها التي عرفناها: الهيروغليفي والهيراطي منذ أواخر الألف الرابع ق. م، والديموطي منذ القرن السابع ق. م، ثم القبطي منذ القرن الثاني للمسيح. وظلت لغتها على مدى آلاف طويلة من السنين واحدة متصلة في أساسها، ولكن مع تمايز خفيف وتطور يسير في نحوها وأساليبها وهجاء كلماتها بين كل عصر وآخر من عصور تاريخها الطويل. أولًا: في أدب الأسطورة والملحمة
أسطورة أوزير وتوابعها:
هذه واحدة من أساطير نسب رواتها فيها أعمال زعماء أتباع الأرباب إلى شخوص أربابهم حينًا، وارتفعوا فيها بالزعماء إلى مستوى الأرباب أنفسهم حينًا آخر، ثم طبقوا فيها تصرفات البشر ومشاعرهم على حياة المعبودات وتخيلوهم يحكمون ويتعاقبون، ويتزاوجون وينسلون، ويتعاونون ويتخاصمون، ويتبادلون الحب والكره، والوفاء والغدر.
سجلت هذه الأسطورة أول ما سجلت في سياق متون الأهرام الدينية من الدولة القديمة عن عصور أسبق منها، مما يعني أنها اصطبغت منذ عصورها الأولى بصفة القداسة، وأنها كانت تردد في أعياد المعابد أو تمثل، كما اتصلت تفاصيلها بتاريخ الملكية المقدسة وذكرياتها، وذلك مما يدفع إلى الظن بأنها كانت تردد كذلك في أروقة القصور وربما تمثل أيضًا. ثم أخذت الصبغة البشرية للأسطورة تتضح بعد ذلك شيئًا فشيئًا، واستمر كل جيل يضيف إليها من خيالاته ما يوائم تصورات عصره وما يزيد من تأثيرها في أذهان الناس، ولكن دون التضحية بجوهر الأسطورة وقداستها. ويستنتج مما أتت به صورها المختلفة أن شخوصها الرئيسيين أربعة وهم زوج وزوجة، وولد وعم. وأنه تمايز من نماذج الطباع والعواطف فيها أربعة: صلاح ووفاء وحسد وانتقام. وبغير أن نتكلف سجعًا، نرى أنه يمكن إرجاع مصادرها إلى أربعة أيضًا: ذكريات قومية، وتخريجات دينية، وعبرة خلقية، ثم صياغة فنية. وبهذا المحصول المتنوع أصبحت من أقدم أساطير الدراما الكبيرة المعروفة[1].
كان أوزير وإيسة، فيما مر بنا من بعض صفحات هذا الكتاب، أخين وزوجين من مجموعة رباعية يكملها ست وأخته نبت حت. وكان الأربعة رعيلًا أولًا جمع بين الألوهية وبين البشرية في أعقاب انفصال السماء عن الأرض. وبنقلة سريعة اعتبرت الأسطورة أوزير ملكًا على البشر يحكم بينهم ويهديهم إلى ما يصلح أمرهم، إلى أن نقم أخوه ست عليه منزلته، فكاد له وقتله ثم رماه في اليم واغتصب عرشه. وظلت إيسة وفية لزوجها الشهيد، فداومت البحث عن بدنه حتى عثرت عليه، واستعانت بسحرها حتى ردت روحه [1] See, Moret, La Passion D’osiris, Dans Rois Et Dieux D’egypte, Paris, 1916, 77f,; J. Vandier, La Religion Egyptienne, Paris, 1949, 44 F. And Notses.
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 340