responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 339
يتفق مع تصورات عصره، وكان الكتبة الدينيون يكتبون في كل دراج ما يحفظونه منها أو ما تتوفر عندهم نسخه. أو ما يطلبه منهم العميل نفسه، أو يشيع عادة في أيامهم. وقد داخل هذه الفصول كثير من السحر والأخيلة الشعبية، ولكننا لا نكتفي بنماذج من أفضل ما فيها. وكانت فكرة الحساب والمسئولية أمام الأرباب قد ترددت من قبل في كل من متون الأهرام ومتون التوابيت ولكنها أصبحت أوضح من كتب الموتى، ويعبر عنها فيها باللفظ والصورة، وبصور معنوية وأخرى مادية، ومن أكثر صورها شيوعًا تصوير ميزان ينصب ويوضع قلب المتوفى في إحدى كفتيه، باعتباره مصدر النية والمشاعر والضمير بينما تصور في الكفة الأخرى ريشة ترمز من حيث اللفظ إلى كلمة "ماعت" بمعنى العدالة، وترمز من حيث الصورة إلى دقة الوزن وحساسيته. ويجري الحساب عادة في حضرة رب الآخرة أوزير، وبحضور اثنين وأربعين قاضيًا مقدسًا، يمثلون أرباب عواصم الأقاليم، بينما يقوم على تقييم الحسنات والسيئات رب الكتابة والحكمة تحوتي فيسطر على لوحته نتيجة الوزن ونتيجة دفاع المتوفى عن نفسه أمام أربابه وإلهه الأكبر، وحينئذ يتحدد مصيره، فإما إلى جنان ذات برك وغدران وزروع ترتفع سنابلها إلى سبعة أذرع، وإما إلى جحيم تتنوع فيه صور الحرمان والفزع وأذى الوحوش والحيات والنيران.
ويبدأ المتوفى يتنصل من آثام الدنيا في دفاع إنكاري طويل، يقول في بعض عباراته: لم أرتكب ذنبًا ضد الناس ... ، لم أضلل الرعية ... ، لم أرتكب إثمًا في دار الحق ... ، ما قسوت على فقير، ما حرضت عبدًا على سيده ... ، ما أمرضت "إنسانًا"، وما أبكيت إنسانًا ... ، لم أقتل ولم آمر بقتل ... ، لم آت اللواط لم أطفف الكيل ولا الميزان. وعندما ينتهي من حديثه الطويل يعلن طهارته بقوله: إني طاهر، طاهر، طاهر، طاهر؛ ونقائي نقاء طائر البنو الكبير في أهناسيا. وفي هذه المبادئ من الطهر وكثير أمثالها ما تضمنته كتب الموتى ونعالجه بتفصيل في بحث آخر، ما يشهد بأن القيم العليا في أغلب الأديان وفي الحضارات الراقية تكاد تكون واحدة[1].

[1] راجع المؤلف: ديانة مصر القديمة - القاهرة 1984.
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 339
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست