responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 219
أن اتسعت آفاق المصريين المادية والفكرية واستحبوا حياة السلام، وخفت حدة النزعات العنصرية بينهم وبين جيرانهم، وزاد انتشار حضارتهم بين أهل الشام وبلاد الميتان. وانتفع هؤلاء وهؤلاء بالفن المصري ومزجوا بينه وبين فنونهم. وازدادت أعداد المصريين في الشام، كما استقبلت مصر مزيدًا من أفواج أهل الشام بصدر رحب واستحبت بعض مصنوعاتهم وفنونهم، ونفعتهم وانتفعت بهم، واستضافت بعض معبوداتهم ومعبودات الميتان في معابدها[1].
ولم يكن من بأس على أثرياء مصر في أن يستمتعوا بما أفاءته عليهم جهود أسلافهم من نعمة ونعيم، ولكن الضرر أوشك أن يقع بهم حين استمرءوا النعمة واستناموا إلى النعيم. وإذا كان الناس على دين ملوكهم، كما يقال، فقد بدءوا وبدأ فرعونهم أمنحوتب الثالث عهده بمظاهر الفتوة التي بدأ بها عهد أبيه، فخرجت جيوشه في جولة تفتيشية إلى الشام، وخرجت في جولة أخرى إلى النوبة[2]، واستحب أن يوصف في نصوصه بأنه "حاكم ينال "ما يشاء" بسيفه ويعمل بيديه"، وأنه حاكم "يعمل بساعديه ... رب للسيف"[3]. ومارس في شبابه حياة الصيد شأن آبائه الرياضيين، وهاداه ملوك الشرق وأمراؤه، واعتاد كل منهم أن يسأل عن أهل الآخر وجنوده وخيوله، وتطلعوا جميعهم إلى ثراء مصر، وكانوا لا يفتئون يرجون فرعونها أن يفيض عليهم من ذهبها نظير هداياهم من الأرقاء والجواري والخيول والمركبات والأحجار الكريمة، تساوى في ذلك ملوك الميتان، وملوك بابل، وملوك آشور، وحكام قبرص، فضلًا عن أمراء الشام.
وكتب ملك الميتان ذات مرة إلى صهره أمنحوتب الثالث، يقول له: "أخي، أرجو أن تهديني ذهبًا كثيرًا لا يُحصى، وإني على ثقة من أن أخي سوف يحقق ذلك ويهديني ذهبًا أكثر من الذهب الذي حصل والدي عليه، أليس الذهب في بلد أخي كتراب الأرض؟ بارك الأرباب فيه حتى يصبح الذهب في أرض أخي أضعاف ما هو عليه الآن. وعسى ما أطلبه لا يضايق أخي ولا يضيق به قلبه ... ، وسوف أرد لأخي فضله عشرة أمثال مما يشتهيه. فهذه الأرض أرض أخي وهذا البيت بيت أخي". واستغل أمنحوتب من ناحيته صداقاته لملوك الشرق وتقديرهم له، في إرضاء نزواته من الزيجات وأسرف في ذلك إسرافًا كبيرًا. وسار على سياسة أبيه في توثيق عرى المودة بينه وبينهم عن طريق المصاهرات. وظل على الرغم من ترحيبهم في مجملهم بمصاهرته، ضنينًا عليهم بأميرات بيته، فكتب إليه معاصره ملك بابل كاداشمال إنليل الأول، يعتذر له بأنه ليس له أخت يرسلها عروسًا إليه، ويرجوه في الوقت نفسه أن يزوجه من إحدى بناته، فاعتذر أمنحوتب بحجة أنه "لم يسبق أن أرسلت أميرة مصرية إلى أي إنسان"، فعاد البابلي وألح عليه بأن يتخير له أي فتاة من

[1] See, H. Frankfort, The Art And Architecture Of The Ancient Orient, 1958, 148-149; P. Montet, Les Reliques De L’art Syrien…, 1937; Berlin 1248; Amarna Letters, 23; Asae, Xi, 258; Chronique D’egypte, L, 62; W. Helck , Op. Cit.
[2] Urk., Iv, 1661 F.; Ancient Records, Ii, 842 F., 851, 5.
[3] Petrie, Six Temples, 9.
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 219
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست