responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 218
وانتقلت مقاليد الأمور في مصر إلى تحوتمس الرابع "من خبرو رع"، وكان كفئًا لشغل منصبه على الرغم من صغر سنه، وقد لجأ في سياسته الخارجية إلى وسيلتين، فاتبع سياسة القوة في بداية عهده وخرج بجيوشه إلى أطراف دولته وضرب بها على أيدي جماعات من الخوارج في الشمال وفي الجنوب حاولوا استغلال فرصة وفاة أبيه وصغر سنه، حتى إذا ما أعاد لحكومته هيبتها واستقر السلام في دولته وجرت أمورها في مجاريها الطبيعية، سمحت له تطورات العصر بأن يتبع سياسة جديدة لضمان السلم في الشرق القريب. وهنا كان كل من المصريين والميتانيين قد أدركوا أن أمن التجارة البرية التي يأخذون بناصيتها في أسواق الشرق الأدنى لن يستقر إلا إذا استقرت قبله أحوال السياسة بينهما، وشعرت كل من الدولتين حينذاك ببوادر الخطر من أطماع دولة خاتي "أي دولة الحيثيين" الآرية التي قامت في آسيا الصغرى وأطلت على الفرات الأعلى وعلى شمالي سوريا في الوقت نفسه. ورأت الدولتان أن توثيق روابط الصداقة والتقارب بينهما يمكن أن يحد من آمال هذه الدولة الثالثة الناهضة ويجعلها تفكر مرتين قبل أن تهاجم واحدة منهما. ولسنا ندري أي الدولتين بدأت الأخرى برغبتها في السلم، ولكننا ندري أن تحوتمس رأى أن خير روابط السلم المنشود هو رباط المصاهرة، فخطب لنفسه ابنة أرتاتاما ملك الميتان[1]، وقيل عن أباها جادله في مهرها عدة مرات رغبة في زيادة نصيبه من الهدايا قبل أن يزفها إليه[2]، ولم يكن زواج الفرعون المصري بأميرة آسيوية جديدًا تمامًا على تقاليد أسلافه الأقربين، فقد تزوج جده تحوتمس الثالث أميرات سوريات، وامتلأ قصر أبيه أمنحوتب الثاني بجوار آسيويات من أخوات الأمراء وبناتهم كما قالت نصوصه[3]، وليس من المستبعد أن يكون قد تزوج بواحدة منهن أو أكثر من واحدة. ولكن الجديد في أمر تحوتمس الرابع هو ما يحتمل من أنه جعل زوجته الميتانية من زوجاته الرئيسيات في قصره4 "انظر ص208"، بينما أنزل أسلافه زوجاتهم الآسيويات منزلة الزوجات الثانويات.
أدت جهود النصف الأول من عصر الأسرة الثامنة إلى أن بلغت خيرات مصر وثرواتها في بداية عهد أمنحوتب الثالث "نب ماعت رع" خليفة تحوتمس الرابع "منذ 1405ق. م"، مبلغًا لم تبلغه من قبل، ليس فحسب عن طريق الضرائب والاستغلال الداخلي والغنائم والجزى، بل ولأن الدولة قد وطدت سيطرتها على عصب التجارة البرية في الشرق, وأزادت أساطيلها في البحرين الأحمر والمتوسط، واستخدمتها أداة للرخاء التجاري ولأمان البحر وأمان السواحل ولتوسيع اتصالاتها بجيرانها، وحملت طرق البر والبحر الآمنة أفواجًا من التجار والسفراء والرسل والزوار من مصر وإليها، فضلًا عن أفواج الأرقاء والجواري الواصلة إليها من الشمال والجنوب. وظل هؤلاء جميعهم من أدوات التبادل والتقارب الثقافي واللغوي والفني والصناعي بينهما وبين جيرانها. وترتبت على ذلك كله بالنسبة لمصر نتائج طيبة وأخرى غير مستحبة، فكان من النتائج الطيبة

[1] Knudtzon, Die El-Amarna Tafein, Nr. 29.
[2] Ibid., Nr. 29, 11. 16-18.
[3] See, Helck, Jens, 1955, 29.
4 Wolf, Zaes, Lxv, 98 F.; Newberry, Jea Xiv, 82 F.
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 218
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست