قلت:
بلى.. ومن لا يمتلئ إعجابا بتلك الخلال التي أعطت النموذج الأكمل للإنسان الأكمل.
قال:
فقد قدر الكائدون ومكروا.. فراحوا يستغلون بعض الحمقى ليختصروا رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم في لحية طويلة.. وجبة قصيرة..
وتقطيب جبين.. وغلظة دونها غلظة أكباد الإبل.
قلت:
أعرف هذا.. وقد سمعت بعضهم يصف شيخا من هؤلاء يقول عنه: (رأيته وكأنه السنة تمشي)
مع أنه لم ير منه إلا ما كان يراه الناس من أبي لهب وأبي جهل من لحية وقميص وسواك.
قال:
فقد نجحوا في هذا أيضا.
قلت:
فاضرب لي مثالا آخر.
قال:
ألم تر الجميع من الأصدقاء والأتباع يمتلئون إعجابا بحرية الفكر التي أتاحها
الإسلام، فاجتذب أصحاب العقول والأذواق.. واجتمع في حبه الأدباء والشعراء
والفلاسفة والعلماء وأهل الدين وأهل الدنيا؟
قلت:
بلى .. قد سمعت الكثير ممن يذكر ذلك، ويفخر به على الكنيسة التي طوقت العقول
بأغلالها.
قال:
فقد انتدب بعض الحمقى ليحولوا من المسجد كنيسة لا ترسل المحبة.. بل ترسل الحرمان
والتضليل والتبديع والتكفير..
قلت:
أعرف هذا.. وأتألم له.. فالحب الذي ربط قلوب الأمة أجيالا طويلة تحول إلى بغضاء..
والإسلام الذي اتسع للجميع ضاق على أتباعه، فصار ـ في منطق هؤلاء ـ يرفض كل من لم
يلغ عقله وقلبه ومشاعره.