وفي
رواية أخرى عن أبي شبل محمد بن النعمان بن شبل الباهلي قال: دخلتُ المدينة
فانتهيتُ إلى قبر النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فإذا أعرابي يُوضع على بعيره، فأناخه وعَقَله، ثم دخل إلى
القبر الشريف، فسلَّم سلامًا حسنًا، ودعا دعاءً جميلاً ثم قال: (بأبي أنت وأمي يا رسول الله، إنّ الله خصّك
بوحيه وأنزل عليك كتابًا جمع لك فيه علم الأولين والآخرين، وقال في كتابه وقوله
الحق:﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا
أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ
لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً﴾ (النساء:64)، وقد أتيتك مقرًا بالذنوب، مستشفعًا بك إلى ربك، فهو ما
وعد.
ثم التفت إلى القبر، وقال:
يا خير من دفنت بالقاع أعظُمُه
فطاب من طيبهنّ القاعُ والأكمُ
أنت النبي الذي تُرجى شفاعته
عند الصّراط إذا ما زلّت القدمُ
نفسي الفداء لقبرٍ أنت ساكنه
فيه العفاف وفيه الجود والكَرَمُ
ثمّ ركب
راحلته فما أشكُّ ـ إن شاء الله ـ إلا أنه راحَ بالمغفرة، ولم يُسمَع بأبلغ من هذا
قط.
وذكر
محمد بن عبد الله العُتبي هذا، وزاد في آخره: فغلبتني عيناي، فرأيت النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم في النوم، فقال لي: (يا عُتبي،
الحق الأعرابي وبشّره أنّ الله قد غفر له)[1]
قلت:
أحسبني وعيت ما ذكرته من هذا.. فما لازمه؟
قال:
لازمه كل ما سمعته من مخاطبات الأولياء لرسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم وشكواهم إليه، فهم لا يشكون
لميت.
قلت:
إن من قومي من يعتبر ذلك شركا، وقد قال بعضهم[2] عن قول البوصيري:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به
سواك عند حلول الحادث العمم
[1] رواها الإمام النووي في
(الإيضاح) ص454، وابن بشكوال في (القربة إلى رب العالمين بالصلاة على محمد سيد
المرسلين a ) الورقة (16/أ)
[2] انظر: كتاب (معلومات مهمة
من الدين) للشيخ محمد جميل زينو ص160 ـ 166.