والحكمة
ويهديهم إلى صراط مستقيم، فأي إحسان أجل قدراً وأعظم خطراً من إحسانه إلى جميع
المؤمنين، وأي إفضال أعمّ منفعة وأكثر فائدة من إنعامه على كافة المسلمين، إذ كان
ذريعتهم إلى الهداية، ومنقذهم من العماية، وداعيهم إلى الفلاح والكرامة، ووسيلتهم
إلى ربّهم وشفيعهم والمتكلم عنهم والشاهد لهم والموجب لهم البقاء الدائم والنعيم
السرمدي.
قال آخر:
فإذا كان الإنسان يحب من منحه في دنياه مرة أو مرتين معروفاً أو استنقذه من هلكة
أو مضرة مدة التأذّي بها قليل منقطع، فمن منحه ما لا يبيد من النعيم ووقاه ما لا
يفنى من عذاب الجحيم أولى بالحب، وإذا كان يحب بالطبع ملكاً لحسن سيرته أو حاكماً
لما يؤثر من قوام طريقته أو قاص بعيد الدار لما يشاد من علمه أو كرم شيمته فمن جمع
هذه الخصال كلها على غاية مراتب الكمال أحق بالحب وأولى بالميل.
قلت:
وعيت هذا.. ولكن الحريصين على صفاء التوحيد من قومكم يخافون على التوحيد في أقل من
هذا.
قال:
هذه الآية الكريمة جمعت أصناف ما يحبه الناس ويؤثرونه وتتوجه به حياتهم على أساسه،
ووضعته في كفة ووضعت حب الله ورسوله في كفة أخرى، ثم أنذرت من قدم أهواءه ومحابه
على الله، واعتبرته من الفاسقين.
قال آخر:
أما من خالف ذلك وقدم الله ورسوله على من سواه، فقد أثنى الله عليه بقوله:﴿ لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا
آبَاءَهُمْ