قال: أرأيت لو أن رجلا له ولد هو أحب الناس إليه لا
يستطيع فراقه مع أنه لا ينتظر أي نصرة منه.. ثم غاب ولده غيابا طويلا جعله يكاد
ييأس منه، ثم ظفر به.. ما هو أعظم ما يسليه إن أصابته الأحزان؟
قلت: إن رؤيته لولده أو تذكيره به أكبر ما يملأ قلبه
مسرة وفرحا.
قال: فكذلك الأمر في هذا.. ولله المثل الأعلى.
قلت: ولكن الله حاضر لم يغب.. فكيف تضرب هذا المثال؟
قال: هو حاضر لم يغب.. ولكن القلوب هي الغافلة
الغائبة.. فلذلك إن ملأها الله بالإيمان والمحبة، فلن تتأسف على شيء تفقده:
لكل شيء إذا فارقته عوض
وليس لله أن فارقت من عوض
قلت: أجل.. لقد ذكرتني بصنوف من الحكمة ذكرها
الأولياء، ونشر عطرها الصالحون.
قال: فما قالوا؟
قلت: لقد ذكروا في الإشارة عن الله
تعالى:( لا تركنن إلى شئ دوني فإنه وبال عليك وقاتل لك، فإن ركنت إلى العلم
تتبعناه عليك، وإن آويت إلى العمل رددناه إليك، وإن وثقت بالحال وقفناك معه، وإن
آنست بالوجد استدرجناك فيه، وإن لحظت الخلق وكلناك إليهم، وإن اغتررت بالمعرفة